د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تتمتع السعودية بثقل اقتصادي كبير على المستويين الإقليمي والدولي، ولا يمكن أن تستمر دولة ريعية، أي تعتمد على دخل آحادي متذبذب يهدد تنفيذ خطط التنمية وبشكل خاص خطط التنمية المستدامة الناتج عن الاعتماد على الدخل الآحادي تشوهات اقتصادية في كافة القطاعات، هذا علاوة على تعطل العديد من القطاعات عن التنمية بسبب أفكار تم نسبتها للدين الحنيف، والدين الحنيف منها براء، مثل مشاركة المرأة في التنمية، أو تحريم قطاعات ترفيهية أدت إلى خسارة الدولة والشعب مداخيل يتم صرفها في الخارج بدلا من استثمارها في الداخل السعودي.
لذلك تشهد السعودية تحولات اقتصادية كبرى، ومن أولويات التحول الاقتصادي تحقيق التوازن الاقتصادي على المدى المتوسط حتى عام 2023 من أجل تحقيق تقدما مهما في مسيرة الإصلاح الاقتصادي نحو تحقيق أهداف برنامج تحقيق التوازن المالي التي تحقق مستهدفات المالية العامة والاقتصاد الكلي.
هدف وزارة المالية في الدولة تعزيز الاستدامة المالية، وبالفعل حققت وزارة المالية عبر عدد من البرامج من خلال رفع كفاءة الإنفاق من أجل تخفيض العجز في المالية العامة، ونجحت في توفير وفورات تقدر بنحو 12 مليار ريال في الربع الأول من 2018، ليصل إجمالي الوفورات التراكمية إلى 68 مليار ريال.
مع استمرار برنامج حساب المواطن للأسر المستحقة لمعالجة الآثار السلبية التي تنتج عن الإصلاحات المالية حيث تم تخصيص 32 مليار ريال في ميزانية 2018، وارتفع الإنفاق على المنافع الاجتماعية 185 في المائة في الربع الأول من 2018 مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق بلغت 18.8 مليار ريال مستحوذة على 9.4 في المائة من المصروفات، رغم ذلك تظل تعويضات العاملين ( مكافآت وأجور ورواتب ) تمثل أكبر نسبة في المصروفات بنحو 112.922 مليار ريال من إجمالي مصروفات 200.592 مليار ريال بزيادة 20 في المائة عن الربع الأول من عام 2017 البالغة 94.1 مليار ريال.
استطاعت الوزارة تخفيض عجز الميزانية خلال عامين بين 2015 و 2017 بنسبة 40 في المائة لتصل النسبة إلى 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2017، وهناك توقعات بانخفاضه إلى 7 في المائة بنهاية عام 2018، مما يدل على الثقة ببرنامج الإصلاح السعودي وقدرته على تحقيق النتائج المتوقعة.
السعودية لديها فرص استثمارية ضخمة وواعدة، وهي محط الأنظار والمتابعة من قبل كبرى الشركات والمستثمرين والمؤسسات المالية، خصوصا بعدما حققت السعودية تقدما في تحسين بيئة الأعمال إلى جانب الإجراءات المتخذة لتعزيز الشفافية والمساءلة الحكومية والتخطيط المالي الأمثل على المدى المتوسط.
تنظر الدولة إلى القطاع الخاص الأساس للنمو والتقدم الاقتصادي، فقدمت له حزم تحفيزية تصل إلى 200 مليار ريال حتى عام 2020.
بلغ إجمالي الإنفاق في ميزانية 2018 نحو 978 مليار ريال بالإضافة إلى الإنفاق عن طريق صناديق التنمية الصناعية والعقارية وكذلك لأول مرة من صندوق الاستثمارات العامة بنحو 133 مليار ريال تركز على القطاعات الاستثمارية الإستراتيجية مثل قطاعات الإسكان والمواصلات والبنى التحتية والخدمات الأساسية.
أية عملية إصلاح قد تنطوي عليها خيارات صعبة، وهذا ليس بخاف على واضعي السياسات والبرامج ومنفذيها، لكن وضعت الدولة الحلول لتجاوزها أو الحد من آثارها.
من أجل مواصلة الإصلاحات الاقتصادية عززت الدولة بالتحالف مع روسيا وبقية دول أوبك ارتفاع أسعار النفط من أجل دفع النمو وفي نفس الوقت ارتفاع الإيرادات غير النفطية 63 في الربع الأول من عام 2018 تبلغ 52.316 مليار ريال ( تشمل الضرائب على السلع والخدمات، والضرائب على الدخل والأرباح والمكاسب الرأسمالية التي تبلغ 43 في المائة من إجمالي الإيرادات غير النفطية وضرائب على التجارة وأخرى ).
رغم أنها لا تزال تمثل 31 في المائة من إجمالي الإيرادات بسبب ارتفاع أسعار النفط بإجمالي إيرادات بلغت 166.263 مليار ريال ومصروفات بنحو 200.592 مليار ريال أي بعجز قدره 34.239 مليار ريال، حيث بلغ إجمالي الدين 483.65 مليار ريال بنهاية الربع الأول من 2018 43 منه دين خارجي.