سألتني زائرة الليل ...
لو أصدرت كتاباً جمعت فيه كل قصاصات الدموع والشجن والحلم والانكسار . ونزف قلبك وعزف أناملك
ماهو العنوان الذي ستختاره لهذا الكتاب .؟
تبسمتُ في وجهها البعيد وهمست لها في مسمع قلبها لدي
زائرة الليل «ما أصعب السؤال» ...
أدب الأحزان الذي كتبته وكتبتني مابين قصيدة وخاطرة وقصة ورواية لم يجد قلبي فيه ميناّء لمركبي التائه في عرض البحر
ولا فجرا باسما لكآبة ليلي ...ولا خيمة تروم قلبي العاري على الرصيف !!!
إنه السفر الطويل بلا وصول !!!
هل يصلح أن يكون لكل أشيائي المبعثرة أمامي التي أعبر عنها عنوان . وأنا ذلك التائه الشريد
قالت زائرة الليل ...عازف الصمت
ألست القائل ( أروع ما في شوارد نفسي أنها حين تضيع مني تنقلني إليك )؟
أنا كلما قرأت لك أجد أنني التقي بك كأن ضياعنا هو عنوان لقاء بك .
يا عازف الصمت ليكن عنوان كتابك (أنا وأنت) ليشتمل العنوان على كل مافينا .
صمتنا ـ ألفتنا ـ حنيننا .... وأقصوصة لقائنا العذب عند ينبوع البوح وحين بدأت رواية الألفة والحنين الصعب
يازائرة الليل ...
أنا في كل ليلة أتوسد كتاب ذاكرتي
فهرسة الأحداث فيها موجعة ... أطلس العمر فيها يثير دهشتي وشفقتي على ذاتي
كل الفصول والأبواب مشرعة لرياح باردة أتنفس الصقيع وألتحف الصقيع وأتوهم وأحلم بدفء أرسمه بقلم حبري ...!
أنا في كل ليلة أتوسد كتاب ذاكرتي
وفي أحدى تضاريس صفحاتها القاسية حكاية حلم فيه أتسلق الجبل لأمسك بحمامة بيضاء في قمته لكنني بشوك بين الصخور أنجرحت ..!!!!خافت الحمامة من جرحي وحلقت بعيداً ..ليتني عرفت هل بكت من أجلي حين هويت من السفح أم أنها علي ضحكت حين اعتلت بالفضاء..؟؟
آه يازائرة الليل
أنا في كل ليلة أتوسد ذاكرتي
وقد علمتني صحراء الذاكرة أنني حين أكون وحيدا في ليلها صوت قدماي المتعبة يخيفني أكثر من عواء الذئاب فيها.
عازف الصمت: «أعذرني لقد نكأت لك جرحاً وأنت كلك جُرح !!
أشعر أحيانا أنني أكثر عشقاً لحروفك منك ...بالتأكيد ليس هروباً من أحزاني أنا لا أستطيع الهروب وأنت تحتل مكاناً نقياً طاهراً في قلبي ومهما حاولت أن أتسلق ذاتك أعجز أمام سور كتمانك وكبريائك!!!
عازف الصمت
أتخيل أنني كلما أردت أن أهدي لإنسان سيكون أجمل هداياي له نسخة من كتابك مع العطر سيكون مع الأساور سيكون ...
مع المعطف سيكون
لأنني أشم فيه رائحة عطر لا يعرفهاأحد !
وأرى بريقاً لجواهر من الحروف لم يره أحد !
وفيه دفْ تسكن معه ارتعاشة الضلوع.!!
زائرة الليل ... بالغتي كثيرا حتى أضحكتي قلبي وكنت أظن أنه لايجيد سوى الصمت والبكاء !!
أخاف على هداياك ...التي تلفينها بالحرير وينبت على هامتها الورد الناعم من همسه في الكتاب نزفها يعبث في بياض
الحرير أو شوكها ينغرس في أهداب الورد فيديمها ..كتابي التي تهدينه لصديقتك في مناسبة سعيدة لها سيكون
الرماد بين الشموع سيكون الحطام بين أواني الزهور....لا تهدي الدموع والأنين لإنسان يوم ابتساماته والرقص والغناء
ليتك تدركين أن كتابي لايصلح أن يكون هدية منك لأحد حتى يسعد ويبتهج !!!
عازف الصمت ... ياقرة عيني أنت ... وهل هناك أجمل من لوحة يرسمها قلب
هل تعلم أنني أتخيل غلاف هذا الكتاب!!
أجل ... أريد أن يكون على الغلاف «العصافير واليمام» ارسمها بين حنايا الضلوع
إنها تستحق فلقد تعلمت من صمتنا ضجيج الكلام ارسمها وقد فردت أجنحتها على شموع الدفء بيننا كي لاتنطفئ من الرياح
عازف الصمت أرجوك أرسمني أنا على الغلاف بين العصافير واليمام ...
زائرة الليل .... أرسمك أنت !!؟
نعم عازف الصمت أرسمني سحابة ظامئة تنظر إلى عينيك وتنتظر مطرا يفر من الجفون وترتعش به الأهداب ...
هل أنا ياصديقي أهذي !!! السحابة تنتظر المطر ليرويها ...
زائرة الليل ... الألفة علمتك الفلسفة ؟!!
وكتابي فيه فصل للشعر من بحر الحنين نظمناه وفيه فصل لثرثرة صمتي حتى كتبت خواطر فيها أحاول أن أقول ولا أقول ؟؟
أركب الجمل فيها من الليل الأسمر وحدي ومن الليل الأبيض في وحدتي وسط زحام الآخرين .!!
في كتابي ألحان نوته ألفتها من أجلك أنت وتسلقنا سلم الموسيقى الراقصة معا
سيدتي زائرة الليل وماذا بعد ؟
عازف الصمت أريد أن توثق طفولتنا الجميلة طفولة الكبار التي فينا ..
حين كنا نتعاتب .. نتخاصم ... نتشاجروينتهي كل هذا العنف الأبيض خوفاً مناعلى جرح كل ما اسكناه طفلاً رائعاً فينا ....
ياعازف الصمت ... أريد أن أتدلل عليك!!!
الدلال منك يروق لي .. حتى وإن أبكاني لحظه أشعر أنه شاهد على الحرمان منك!!؟
في الكتاب.. أكتب أسمي وأسمك معاً ..بدون فواصل ولا علامات تعجب واستفهام أريد أن أشم رائحة عطري الذي أهديت لك
في صدر أسمك وأريدك أن ترى الجمال في مفاصل حروف اسمي لتتذكر قلم الكحل الذي أهديتني كيف أبدع في رسم ضفاف لعيون مجهدة لتكون نظراتها بقربك في دروب البعد عنك بين إغفاءة حنين وسبات عميق للحنان !!
وأكتب يا أليف خاطري بفصاحة صمتك تاريخ ميلادنا الذي كلما حاولنا نسيانه عاد به حفيف الريح وغنى على نوافذ غرفة هنا وغرفة هناك ...!!!
زائرة الليل ...
أنا في الليل أتوسد كتاب ذاكرتي
يتساقط دمعي على أوراقي وقارورة الحبر وينساب مابين وجنتي ووسادة نومي
أحلم أن أفطم من رضاعة الحبر...ثدي الذاكرة يزيد مجاعتي وظمائي ومواجعي حتى أنني أدركت أن عنوان كتابي الوحيد أسمته الأيام «رضاعة الحبر والحرمان»
ياعازف الصمت !!!
نادتني زائرة الليل ثم صمتت...و صمتت...و صمتت ثم قالت «أنا أكثر الناس شوقاً لكتابك وربما أكثر فخراً منك به
اسمهِ كما تريد اكتب عنوانه بالرقعة أو النسخ ضع كل النقوش التي تريدها على الغلاف لكن لا أحد يعرف حقيقة رائعة مثل روعة قلوبنا
إن ترجمة رضاعة الحبر والحرمان» هي «أنا وأنتِ»
** **
عبدالعزيز حمد الجطيلي - عنيزة
e-mail: ayamcan@hotmail.com
twitter: @aljetaily