سعد بن عبدالقادر القويعي
من بين أبرز ما حققته السياسات الخارجية الضعيفة للرئيس الأمريكي السابق «باراك أوباما»، فقد سجّل التاريخ إعلان الرئيس الأمريكي الحالي «دونالد ترمب» انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، الذي وصفه بـ «الأسوأ في التاريخ»، وبالتالي إعادة فرض جميع العقوبات التي كانت مفروضة على إيران قبل توقيع الاتفاق عام 2015، إضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية جديدة، ومن ثم سيصبح الاتفاق الذي وقعته مجموعة «5+1»، وهي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا مع النظام الإيراني في منتصف عام 2015، والمعروف بـ «خطة العمل الشاملة المشتركة» جزءاً من الماضي، وذلك بانسحاب الدولة الأهم في العالم.
إن ضرورة العمل للحد من انتشار أسلحة الدمار، كان مبنياً على قناعة السعودية التامة، بضرورة العمل على كل ما من شأنه الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط، والعالم، إلا أن إيران استغلت العائد الاقتصادي من رفع العقوبات عليها، واستخدمته للاستمرار في أنشطتها المزعزعة لاستقرار المنطقة، وخصوصاً من خلال تطوير صواريخها الباليستية، ودعمها للجماعات الإرهابية في المنطقة بما في ذلك حزب الله، وميليشيا الحوثي، التي استخدمت القدرات التي نقلتها إليها إيران في استهداف المدنيين في المملكة، واليمن، والتعرض المتكرر لممرات الملاحة الدولية، وذلك في انتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن.
بالأمس، كانت سياسة الاسترضاء، والتنازل قد تمثلت في الاتفاق النووي الذي وقعته تلك الدول مع طهران، والذي ربما يكون تكرارًا لاتفاق عام 1938م، حين تسبب في اندلاع الحرب العالمية الثانية، لا سيما وقد أسهم تدخل السياسة الغربية المستمر في شؤون منطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية بحصول عملية استقطاب ثنائية في المنطقة بين تلك الدول، وإيران؛ ما يعني المزيد من الاضطراب، أو اللا استقرار في المنطقة، والانتباه - مرة أخرى - على الخطر الذي يتهدد المنطقة، والعالم؛ بسبب أجندة إيران التوسعية، التي أسهم الاتفاق النووي في تصاعدها؛ كونه لا يصب في مصلحة توازنات القوى في الشرق الأوسط.
قد تختلف معايير الإدراك، والتقدير للأحداث من وقت لآخر؛ ولأننا لسنا في صدد تقويم السياسات التي أدت إلى ما وصلت إليه الحال مع إيران، فإن التأكيد على العبارة التحذيرية التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ونائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع، بأننا «لا نريد تكرار اتفاق حدث عام 1938 تسبّب بحرب عالمية ثانية»، خصوصاً بعد أن عملت إيران على ربط الدول، والحركات التي تقترب منها أيديولوجيا بإستراتيجيتها بشكل مباشر، وحتمية تصدير الثورة الخمينية، ونموذج الدولة الإيرانية، وذلك وفق توجهات النظام الحاكم في طهران إلى بقية دول الجوار العربي؛ كونها مضطرة إلى العيش في بيئة عدائية على الدوام، إضافة إلى ما قد يحدثه الاتفاق من تأثيرات على ملفات الصراع القائم، والمحتمل في منطقة الشرق الأوسط.
وحدها إيران اختارت سلوك الطرق الخلفية الملتوية، وفي عصرنا الحديث تعد إيران في الخارطة الجيوسياسية الدولية راعية الإرهاب العالمي بلا منازع -تحريضاً وتمويلاً وتنظيماً-؛ ولأننا اليوم سنكون حتماً أمام وضع ينهي استغلال إيران لورقة الإرهاب؛ لخلق تحالفات غير تقليدية ضد المشروع الفارسي، ووقف المحاولات اليائسة لتمدده؛ كونها الدولة الأولى الداعمة للإرهاب، وبالتالي ضرورة التأكيد على العمل؛ لجعلها في أعلى سلم أولويات دول المنطقة حيال سياسات مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط.