علي الخزيم
بدعة جديدة وابتكار مزعج للكثيرين؛ بحسب ما تتناقله أحاديث المجالس صدى المجتمع وإن لم تتفق على رأي واحد غير أنها تظهر رأي الأغلبية، ذلك أن فئة من أولياء أمور الطلاب وخاصة الطالبات أخذوا بالتعبير عن فرحة نجاح أبنائهم وتكريمهم أمام المدارس وعلى مشهد من الطلاب الآخرين وآبائهم وأهليهم والمارة، فلا يختلف الناس حول مسألة تكريم الطلاب وتشجيعهم لقاء إحرازهم نتائج جيدة بالاختبارات؛ إنما الاختلاف يتعلق بالطريقة، ذلكم أن فئة ترى أنه من العيب أن يستقبل الأب أو الأخ الأكبر الطالبة الناجحة أمام باب المدرسة ويحضنها احتفاء بنجاحها، ثم يقدم لها باقة من الورد أو علبة تحوي هدية يشير شكل العلبة بأنها هدية قَيِّمة، وكل ذلك دون اكتراث بما تمليه الأعراف والتقاليد التي تنظر لهذه الممارسات المكشوفة بمنظار العيب والنفور.
رفع معنويات الأبناء وشحذ هممهم للمستقبل لا يعني أن نكسر قواعد اللباقة وتجاوز المحاذير بدعوى حرية التصرف المباح، فهذا المكان ليس لائقاً للاحتفال بنجاح ابنتك لأن امامك من تحترق قلوبهن جراء تصرفاتك؛ فبينهن اليتيمة وأمثالها كابنة المنوم بالمستشفى وابنة الفقير أو من لا يؤمن ولي أمرها بهذه الدرجة من الاحتفالية وقد لا يحافلها حتى بالمنزل، فرويدكم على قلوبهن ومشاعرهن التي تتكسر أمامكم كالقوارير ترمى على الصخر.
ثمَّة فئة ترتقي بأسلوب احتفاليتها فتجعلها إما بالمنزل أو باستراحة دون مبالغة فتجمع الأسرة بين النزهة المعتادة وبين تفريح الطالب الناجح دون كلفة مبالغ فيها، إلا أن المزعج كثيراً في هذا الشأن هو الاحتفالية بأطفال الصفوف الدنيا الابتدائية وأطفال الروضة وإقامة المآدب وتقديم الهدايا لهم بصالات الأفراح الفخمة وبأساليب ممجوجة من التدليل والبذخ غير المستساغ حتى لو كانوا من أصحاب الثراء والأموال الكثيرة، فالكل متفق على أهمية التشجيع باحتفالية معقولة بتكاليفها وطريقتها، والأغلبية برأيي -كما أقيسه من الصدى الاجتماعي- يعترض على حفلات البذخ والإسراف التي تجعل الطفل والشاب يستمرئ الطريقة ولا يقبل بأقل منها دوماً ويعيش على ذلك في حياته الخاصة مما يدمر ميزانيته ويدخله بمعترك الديون والقروض وما يتبعها من مشكلات الطلاق والأزمات والقلاقل الأسرية، وأكثر ما يؤلم أن يتعمد أحدهم للاستدانة لإقامة مثل هذه المناسبات والاحتفالات لمجرد التقليد والظهور الزائف المشوه أمام المعارف.
ومما طرأ على المجتمع وأخذ بالانتشار الواسع بين الأسر إقامة ما يسمى (حفلات الاستقبال) بعد الولادة، وبدأت الظاهرة بالمنازل التي تُزَيَّن بالستائر الجديدة والأواني على آخر طراز مما تبتكره أفكار الموردين لاستلاب جيوب السذج من المستهلكين وانتقلت لصالات الأفراح، حتى أني سمعت شاباً يستقبل أول أنجاله بالضيق والتشكِّي معللاً الأمر بأنه تحت وطأة وإلحاح أم الطفل اضطر للاقتراض! لماذا يا رجل؟ قال: إنها تصر إصراراً على تغيير دهانات الشقة المستأجرة حديثاً وجلب مفارش وأواني تقديم وأشياء غير منطقية وذلك لتبدو أبهى وأجمل أمام الزوار من الأهل والصديقات! قلت: المهم إن يبقى كل زوجين الأجمل والأطهر فيما بينهما.