خالد بن حمد المالك
قبل أن يعلن الرئيس ترامب انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاق المفاعل النووي الإيراني كان هناك تهديد إيراني تتصاعد نبرته كلما اقترب الموعد المحدد للإعلان عن القرار الموجع لإيران، لكن ما أن وقّع الرئيس الأمريكي على قرار الانسحاب، وتحدث إلى وسائل الإعلام عنه، حتى ظهر الرئيس الإيراني مرتبكاً، وهادئاً، ويتحدث بخوف، ولغة حذرة، ولم يعد كما في الوضع الذي اعتاد فيه أن يواجه العالم بعدم الاكتراث، أو الشعور بالخوف، أو التردد في ممارسة حماقاته، إذ إنه أدرك أن التعامل الأمريكي الرخو والمهادن إبّان رئاسة الرئيس الأمريكي السابق أوباما أصبح من الماضي ولا قيمة له الآن البتة.
* *
قال الرئيس الشجاع: إن الاتفاق (5+1) كان اتفاقاً كارثياً، وأنه أخذ قراراً رئاسياً بالانسحاب الأمريكي منه، وزاد على ذلك بالقول: سيتم البدء بإعادة العمل بالعقوبات الأمريكية المرتبطة بالبرنامج النووي للنظام الإيراني، وأن أمريكا سوف تفرض أكبر قدر من العقوبات الاقتصادية على إيران، وأن هناك عقوبات شديدة سيتم فرضها على كل بلد يساعد إيران في سعيها لامتلاك الأسلحة النووية، وأضاف: لدينا الدليل القاطع على أن الوعد الإيراني كان (كذبة)، مؤكداً أن إيران تستحق حكومة أفضل، وأن مستقبل إيران ملك لشعبها، والإيرانيون يستحقون قيادة تحقق أحلامهم وتحترم تاريخهم.
* *
الرئيس الأمريكي أوضح للعالم أيضاً أن الاتفاق النووي مع إيران كان لمصلحة إيران، وأنه لم يحقق السلم، فيما أن إلغاء الاتفاق سوف يجعل أمريكا أكثر أماناً، فقد اعتدى هذا النظام على جنودنا -يقول الرئيس- مضيفاً بأن هذا نظام يشعل الصراعات في الشرق الأوسط ويدعم المنظمات الإرهابية، ويمول الفوضى، وحوّل المواطنين الإيرانيين إلى رهائن، ومضى الرئيس إلى القول: حصل ما يكفي من المعاناة والموت والدمار الذي تسببت به إيران، وأننا سنعمل مع حلفائنا للتوصل إلى حلول حقيقية للتهديد الإيراني النووي.
* *
وما أن أعلن الرئيس عن قرار الانسحاب، وخاطب العالم عن أسباب أخذه بهذا الخيار لإيقاف برنامج إيران النووي، حتى سارع وزير الخزانة الأمريكي السيد (ستيفن منوشين) من جانبه إلى القول: لن تسمح أمريكا بأن يصل المال إلى الحرس الثوري لتمويل النشاط الإرهابي الخبيث، وإيران هي الدولة الأكبر الراعية للإرهاب في العالم، حيث تستخدم الصواريخ البالستية ضد حلفاء أمريكا، وتدعم نظام الأسد الوحشي في سوريا الذي ينتهك حقوق الإنسان ضد شعبه، فيما قال وزير الخارجية الأمريكي (مايك بومبيو): إن بلاده ستعمل مع حلفائها في أوروبا وحول العالم لمنع إيران من تطوير سلاحها النووي، وعلى القضاء على تهديد برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية، ووقف الأنشطة الإرهابية لإيران التي تهدد الاستقرار في الشرق الأوسط وفي العالم، وأن واشنطن سوف تفرض عقوبات على النظام الإيراني تشمل العزلة الدبلوماسية والاقتصادية التي تسبب فيها النشاط النووي الإيراني المتهور في المنطقة.
* *
إذاً نحن والعالم أمام حدث تاريخي مهم، نثمنه عالياً للرئيس ترامب، وللولايات المتحدة الأمريكية، ولن يكون أمام النظام الإيراني بعد اليوم القدرة للمروق والهروب من تحمّل مسؤولياته التي طالب بها رئيس أكبر دولة في العالم.
(يتبع)