«الجزيرة» - البحرين - محمد المنيف:
الفنانة التشكيلية البحرينية الدكتورة أماني علي الهاجري استطاعت أن تتجاوز ظروف العمل في تخصصها الطبي استشارية للأمراض الوراثية ورئيسة قسم الأمراض الوراثية بمجمع السلمانية الطبي والاستاذ المساعد في مركز الجوهرة للطب الجزيئي واستشارية طب العائلة والمدير المساعد لمركز منظمة كوكرن للبحوث الطبية- فرع البحرين إضافة إلى أنها متزوجة ولديها 3 أطفال حيث سعت إلى الاعتناء بموهبتها وميولها التشكيلية من خلال التجريب والدورات في البحرين وخارجها إلى أن أصبحت اسماً بارزاً في هذا الفن في مملكة البحرين الشقيقة من جيل التجديد والتحديث في هذا الفن.
الدكتورة أماني قالت للصفحة إنها انضمت إلى ركب الفنانين التشكيليين الجدد والمعاصرين للألفية الجديدة وأنها تقف على نقطة تحول من حقبة استحواذ أقلية من الفنانين التشكيليين البحرينيين من مؤسسي حركة النهضة التشكيلية إلى حقبة تنافس فيها الفئة الشابة الفئة المخضرمة ودخولها في سوق الفن بشكل قوي. وعلى الرغم من تسخير الإعلام ولو كان بصورة متواضعة لترويج مفهوم الفن التشكيلي لدى عامة الناس إلا أن المقتني وحتى المتلقي يبقى محصوراً في نطاق ضيق لأقلية ارستقراطية متذوقة للفن لا ترقى لأن تخلق سوقاً مثمراً يضمن للفنان مصدراً للرزق.
في وجود تنافس شديد بين الفنانين العرب وبين فناني الأعراق الأخرى ومع معطيات الذوق العام المتغير يجد الفنان العربي صعوبة في اختيار الموضوع للعمل الفني. فهو بين مطرقة ما يريده الناس وسندان التفرد بالفكرة, بين قبول ما هو مقبول وبين رفض طرح الجديد والمبتكر.
أما عن علاقتها بتسويق إبداعاتها قالت إنها لم تدخل سوق الفن إلا بعد أن درست أساسياته وأبعاده وتحدياته ووجدت طريقي فيه باستنهاج مبدأ التفرد والابتكار في الخامة والفكرة في ظل رؤية واضحة لتوجهات سوق الفن وأنماط التغير الديناميكية والمتسارعة. فما هو مرغوب الآن قد يصبح مهملاً بعد فترة والعكس صحيح. فلا بد للفنان أن يدرك هذه الحقيقة ويؤقلم نفسه لجمهور صعب الإرضاء ولسوق شحيحة متقلبة الأهواء.
وتحرص الفنانة الدكتورة أماني كما تقول على أن تستقي أفكارها من وحي بيئتها البسيطة ومجتمعها المحافظ وحضارتها الإسلامية التي تعتز بها وتبلور كل ذلك ضمن أطر العولمة لتحظى بالقبول لدى المتلقي مهما اختلف عرقه وتوجهه.
كما تؤمن الفنانة أماني الهاجري من أن لا نهضة للفن إلا بوجود الناقدين. وجميعنا يعلم جيداً أن للنقد فناً وأصولاً وأعرافاً. والناقد يدرك جيداً كما هو الفنان أن الهدف من النقد استشفاف الجماليات والعيوب إن وجدت في العمل الفني بأسلوب علمي يميل للأطر الموضوعية وينئى بنفسه عن التحليل المشوب بالآراء الشخصية. في رأيي الشخصي ينقصنا نحن الناقدين في الفن التشكيلي في العالم العربي. فالزيادة المطردة في أعداد الفنانين لا تواكبها أعداد الناقدين المحدودة.
وتضيف الفنانة أماني أن العمل الفني الناجح هو من يحظى بقبول قاعدة عريضة من المعجبين بغض النظر عن طبيعة قراءتهم للعمل ومدى تطابقها مع فكرة الفنان الأصلية. إذا كان الفنان يرفض أن يعرض عمله ويرفض أن يقرأ بطريقة مغايرة عن مكنوناته فمن الأفضل أن يحتفظ بعمله لنفسه!! وتؤكد أن العمل الفني حق مشاع وأجد جمالية وعمق للعمل إذا ما تلقيت قراءات مختلفة من أناس مختلفين لعملي الفني ولا أجد غضاضة أن فسر عكس ما أرتأيت منه وذلك نادراً ما يحدث لأني أعرف جيداً كيف أسخر اختياري المناسب للألوان والجو العام للوحة وحتى ضربات الفرشاة لها تأثير على الرائي. لذا أجد متعة في الاستماع لقراءات المتلقين وتحليلهم الذي غالباً ما يصب في نفس بوتقة التأثير النفسي والانطباع العام المرجو من العمل.
وتعد الأصالة من مقومات استدامة العمل. بالطبع هناك عوامل أخرى كجودة الخامات المستخدمة والطريقة السليمة لحفظ العمل ولكن هذه العوامل تخص الناحية المادية التي تحفظ العمل من تأثير الزمن. ولكن أصالة وتفرد العمل المبتكر تضمن الاستمرارية المعنوية.
أما عن سوق الفن فتقول الفنانة أماني شأنها شأن أي سوق لمنتج آخر. فمن يمتهن مهنة الفن التشكيلي ويجعل من أهدافه الرئيسة تسويق منتجه الفني لا بد له أن يلم بأساسيات التسويق. ولا عذر لأحد في ظل توفر المعلومات على الشبكة العنكبوتية وحتى الدورات المختصة في تسويق الفن أصبحت في متناول اليد. في السابق كان الاعتماد الأكبر في تسويق الأعمال الفنية على القارئات التي للأسف لا تقبل سوى عدد قليل من الفنانين حسب مقاييس «الواسطة» وكلمات «التوصية» المباشرة. إلا أن الوضع الآن تغير فيما يصب بمصلحة الفنانين. فنحن نعيش عصر قنوات التواصل الاجتماعي وندرك تماماً دورها في نشر الأعمال الفنية على نطاق واسع يتعدى النطاق المحلي.
وعلى الرغم من ذلك ما زالت سوق الفن في العالم العربي تقتصر على نخبة صغيرة من جامعي اللوحات الأثرياء والمهتمين بالفن بقصد الاستثمار. للأسف هذه الفئة ما زالت توجه أنظارها للفنانين العالميين بشكل أساسي وهنا يأتي دور الإعلام في دعم الفنانين العرب وإبراز أعمالهم ونقدها والإشادة بها ولفت أنظار العالم لثراء ما نقدمه وتفرده بأعمال فنية معبقة بالإرث الحضاري العظيم لبلداننا العريقة. وحتى ذلك الوقت لا عزاء للفنانين البسطاء الكادحين على طريق غير معبد نحو كسب محترم يكفل للفنان دفع فواتيره. لذلك فمن الضروري أن يعتمد الفنان على نفسه وينتهج آلية عملية لتسويق أعماله.