دعا خبراء عالميون مشاركون في الجلسة العاشرة في المؤتمر الدولي الأول لأنسنة المدن أمس الأربعاء 23 شعبان 1439هـ والمقام بمركز المؤتمرات بجامعة طيبة والذي تنظمه هيئة تطوير المدينة المنورة، القطاعات الحكومية بالمملكة العربية السعودية إلى تجنب استنساخ التجارب الأوروبية أو الأمريكية في مشاريع أنسنة المدن، داعين إلى أن لا تسيطر عليها فكرة «أفضل 100 مدينة قابلة للعيش حول العالم». مؤكدين أهمية الشراكة المجتمعية وإرساء مبادئ الحوار والمشورة عند إعداد التصاميم الحضرية والعمرانية.
وقال المشاركون في الجلسة العاشرة التي حضرها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة، رئيس هيئة تطوير المدينة وصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن خالد الفيصل: «إن الأماكن العامة تمثل أهمية بالغة للناس الذين يأتون إليها لكي يغيروا نمط حياتهم الروتيني ويجدونها مكانًا مناسبًا لحل المشكلات والترويح عن النفس». وأشاد فريد كنِت رئيس ومؤسس مشروع الأماكن العامة بتركيز مشاريع أنسنة المدينة المنورة على الموروث المحلي في التصاميم العمرانية، مشيراً إلى أن ذلك الأمر بدا مميزاً، ولفت إلى أهمية استثمار المساحات الفارغة والأماكن العامة وتوظيف الفضاءات ببرامج اجتماعية وترفيهية تضفي الحياة لهذه المواقع، وبيَّن خلال الجلسة بأنه يتوجب على القائمين على مشاريع أنسنة المدن التركيز على الموروث المحلي، مشيراً إلى أنه من الضروري أن يكون لديهم الحماس والرغبة في العمل بهذا المجال الحيوي والذي يلامس مختلف فئات المجتمع وأن تكون التصاميم المعمارية مثالية.
في حين أوضح البروفسور مايكل سوركين مدير الدراسات العليا التصميم الحضري بسيتي كوليدج بنيويورك والرئيس برنامج البحوث العمرانية المتقدمة أن الأماكن العامة من حقوق البشر، فهي متنفس لهم وكثير منهم يجدها مواقع مهمة لحل المشكلات الحياتية، والتجارب الدولية الناجحة في هذا المجال فرصة متاحة للبدء من حيث انتهى الآخرون. دعيًا إلى الاستفادة من التجارب الدولية والاستفادة من آراء وأفكار الناس والمرونة والقابلية للتغير، محذرًا أن تأخذ فكرة أفضل 100 مدينة للعيش فيها حول العالم حيزًا كبيرًا من التفكير في مشاريع الأنسنة بالمملكة، مستدلاً ببعض المدن الواقعة في جنوب شرق آسيا التي تعاني من الإزعاج والتلوث بالرغم من استمتاع سكانها الذين يدعون المجتمعات لزيارتهم والاستمتاع مثلهم والاستفادة من التجارب الثرية والجديدة الحافلة بالكثير من الثقافة هناك.
وأشار البروفسور مايكل سوركين إلى أهمية عكس التصاميم المعاصرة والمستقبلية باتجاه الإنسان والأشخاص بدلاً من التركيز على السيارات والمركبات، وذلك لإيجاد مجتمعات تنموية وبيئية مستدامة حيوية.
في المقابل دعا هيربرت درايزايتل رئيس مؤسسة أتيليه درازايتل ومدير مختبر أبحاث المدن النابضة بالحياة بمجموعة رامبول، «القطاعات الحكومية في المملكة العربية السعودية إلى تجنب استنساخ التجارب الأوروبية والأمريكية في مجال أنسنة المدن»، مشيرًا إلى أن لكل مدينة طابعها الخاص وموروثها الفريد الذي تتمتع به ويجب المحافظة عليه.
وركّز المعماري العالمي هيربرت درايزايتل في ورقته على دور الناس في المشاركة في دعم مشاريع أنسنة المدن ومساعدتهم في توظيف طاقاتهم واستثمار قدراتهم. مشدداً على ضرورة استطلاع آراء مختلف فئات المجتمع مشاركة الأفكار حول التخطيط العمراني والبيئي لأهمية ذلك في تلبية الاحتياج وربط الناس بالمواقع والمدن. لافتًا إلى أهمية توظيف الفن في مشاريع الأنسنة.
وفي ختام الجلسة التي أدارها روبيرت بول المدير العام لمختبر المدينة ومدير الإستراتيجية العالمية، أوصى بأن تلتفت مشاريع الأنسنة بالمملكة إلى المواطنين وأن تستمع إلى آرائهم وتناقشهم حولها. مؤكدًا أن موضوع المؤتمر موضع مهم وحيوي وإستراتيجي، وهذا ما يعكسه الحضور اللافت والمؤثر بمشاركة الخبراء والأكاديميين العالميين.
الجلسة الحادية
مستشار دولي يدعو للاهتمام بالهوية والموروث في زمن الثورة الصناعية والحضارية
قال المستشار الدولي والمؤلف والمتحدث في مجال مستقبل المدن المبدعة تشارلز الندري: «إن أنسنة المدن هي تلك المشاريع التي تعتمد على عمل دراما في الفضاءات والأماكن التي يتردد عليها الناس». داعيًا إلى ربط التصاميم الحضري والعمراني بموروث المدن والتأثر بشكل كبير بالثورة الصناعية والتقنية الذي يعيشها العصر.
وأضاف: «أنه يجب التماشي مع الثورة الصناعية ولكن لا يعني ذلك أن نبتعد عن الهوية والموروث الذي من المهم أن يبقى في هذا الوقت لكي نسهم في إيصاله للأجيال القادمة».
وأوضح في الجلسة التي أدارها ميكل بريك كبير المصممين بشركة هننج الرسن الاستشارية، أنه يجب أن تتمتع المدن الإبداعية ببنى تحتية تناسب الحاجيات المتعلقة بالإنسان وتساعد في وضع تصاميم ورؤى إبداعية ابتكارية تلبي رغبات الناس. مشيرًا إلى أنه «يمكن وصف المدن الإبداعية بالمدن التي تجمع العادي وغير العادي في آن واحد وأن يكون الخيال حاضرًا فيها بشكل بارز».
الجلسة الثانية عشرة
عمدة سورابايا الإندونيسية تستعرض تجربة المدينة في مؤتمر أنسنة المدن
استعرضت عمدة مدينة سورابايا الإندونيسية السيدة تري ريسماهريني عوامل النجاح في تجربة المدينة في الأنسنة، ضمن الجلسة الثانية عشرة بالمؤتمر الدولي الأول لأنسنة المدن المقام بمركز المؤتمرات بجامعة طيبة والذي تنظمه هيئة تطوير المدينة المنورة، والذي ترأسها الدكتور صالح الهذلول الأستاذ بجامعة الملك سعود وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية السابق.
وقالت تري ريسماهريني: «إن مدينة سورابايا أضحت من التجارب العالمية الناجحة في مجال التحول من الأحياء العشوائية إلى الأحياء الإنسانية»، مضيفة بأن المدينة أصبحت مدينة ذكية واستفادت من الطبيعة الخضراء التي تتمتع بها الدولة. وأوضحت بأن لدى المدينة برنامجًا للتقليل من الثلوث البيئي وحصلت على جوائز تقديرية في هذا المجال. مشيرة إلى مدينة سورابايا ثاني أكبر مدينة في إندونيسيا وفيها 400 منتزه تلبي حاجات المواطنين وتهتم بتلبية احتياجات فئات المجتمع كافة، كما أنه تم إنشاء في منتزه حول المدينة كل عام.
وأبانت بأن المدينة لديها برامج متكاملة تشمل فئات المجتمع كافة من أطفال ومراهقين والشباب والمصابين بالأمراض المزمنة، كما أنها تدعم الحياة الذكية والأشخاص الأذكياء والتعليم الذكي. لافتة إلى أن المجتمع في المدينة يشارك برامج النظافة وتحسين التلوث البصري والبيئي.
الجلسة الثالثة عشرة
خبراء عالميون ومحليون يبحثون أهم الممارسات والمعايير للاندماج الحضري
بحثت الجلسة الثالثة عشرة بمؤتمر أنسنة المدن أهم ممارسات ومعايير الاندماج الحضري وبمشاركة الدكتورة حصة الغزال المديرة التنفيذية لمكتب الشارقة صديقة للطفل بالإمارات العربية المتحدة، والمهندس محمد البحراني رئيس مشاريع الأنسنة بأمانة المنطقة الشرقية، والدكتور زياد أعظم الأستاذ المساعد في الهندسة المعمارية والتصميم الحضري بجامعة عفت، وصاحبة السمو الملكي الأميرة هيفاء الفيصل رئيسة جمعية زهرة لسرطان الثدي وعضو مجلس أمناء جامعة عفت بجدة. وأدارتها الدكتورة سمية سليمان السليمان عميدة كلية التصاميم للبنات بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل. وقال المهندس محمد البحراني: «تم إصدار 11 دليلاً لاشتراطات ومعايير الوصول الشامل للمنشآت والمرافق المختلفة بالمنطقة الشرقية ضمن المخطط الإستراتيجي للوصول الشامل».
وأشارت د. حصة الغزال أيضاً أنه تم اعتماد الشارقة كأول مدينة صديقة للأطفال في المنطقة من قبل منظمة اليونيسف، وأن هذه المبادرة مدينة الشارقة صديقة للطفل بدأت عام 2011، وتشتمل على برنامج تشجيع الأمهات على الرضاعة الطبيعة وبرنامج الأطفال واليافعين.
من جانبه قال الدكتور زياد أعظم: «إن أفكار مشاريع أنسنة المدن تقوم على مبدأ التضامن، وهو مبدأ قرره الرسول -صلى الله عليه وسلم- فور وصوله إلى المدينة المنورة». وقالت صاحبة السمو الملكي الأميرة هيفاء الفيصل «إن المؤتمر الدولي الأول لأنسنة المدن طرح الأفكار الحضارية والعمرانية بشكل علمي وسينعكس بشكل إيجابي على المشاريع المستقبلية»، مؤكدة أن إسكان «البيضاء» يعد نموذجًا متميزًا ضمن مشاريع الأنسنة التي نفخر بها.