ماجدة السويِّح
يواجه ذوو الاحتياجات الخاصة الكثير من التحديات في سبيل التكيّف والتعايش مع الواقع، فبالنظر إلى حالة المصابين بضعف أو فقد السمع أو البصر، أو من يستخدمون الكرسي المتحرك نجد أنفسنا أمام فئة مميزة من الناس تتعايش وتحارب من أجل الحصول على حقوقها.
لعل أحد تلك الحقوق التي نادراً ما يسلط الضوء عليها، هي حق التمثيل والحضور في الإعلام أسوة بغيرهم، وحق استهلاك وسائل الإعلام. كل تلك الدعوات إلى التمثيل المتساوي أسوة بغيرهم، أو الحق في استهلاك المنتجات الإعلامية ترجع جذورها إلى السبعينات الميلادية.
يتم تشكيل مواقف الجمهور تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة في الغالب تحت تأثير وسائل الإعلام، والصورة المقدمة عن تلك الفئة.
وجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين ليس لديهم اتصال مباشر بذوي الاحتياجات الخاصة، بحكم القرابة أو الصداقة، فإنهم يشكلون مواقفهم وتصوراتهم، ويميلون لتشكيل القوالب النمطية تجاه هذه الفئة بناءً على يرونه، ويقرأونه بوسائل الإعلام.
فوسائل الإعلام تلعب دوراً بالغ الأهمية في كيفية إدراكنا للعالم وكيف نتفاعل معه، فمن خلال وسائل الإعلام تتشكَّل آراء الناس ووجهات نظرهم، ومع قوة التأثير تستطيع وسائل الإعلام بناء صورة الواقع في أذهان الناس، ومع ذلك لا يستخدم هذا التأثير لنقل الصورة الحقيقة عندما يتعلّق الأمر بتمثيل ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تقوم وسائل الإعلام ببناء التمييز ضد هذه الفئة من خلال التجاهل أو تحريف عرضها، أو تصويرها بطريقة نمطية، وغالباً ما يتم التركيز على النموذج الطبي عند تناول، وتمثيل ذوي الاحتياجات الخاصة عبر الدراما، البرامج، والإعلانات، الذي يزيد من عملية الانعزال عن المجتمع.
على سبيل المثال استغلت هوليوود من يعانون من التقزّم، لتأدية أدوار متشابهة لا تخرج عن تكرار لتمثيل أدوار الشر والشخصيات الجانحة، فهم مستعبدون برؤية وحصر هوليوود لدورهم كما وصفهم أحد الباحثين بـ»شعب هوليود الصغير»، حيث يتم التركيز على الإعاقة وتناسي الجانب الإنساني كشخصيات فاعلة بالمجتمع، ربما الاستثناء الوحيد من تلك القاعدة هو شخصية «تيريون لانيستر» في لعبة العروش، التي لا تشكّل الإعاقة القوة الدافعة الرئيسيّة للتمثيل، بل تضفي الإعاقة أبعاداً فريدة مساعدة.
التركيز على الإعاقة وما يتصل بها عند تمثيل ذوي الاحتياجات الخاصة أفرز موجة استياء ونقد من قبل المجتمع الأمريكي، الذي أجبر الإعلام على تقديم ذوي الاحتياجات الخاصة عبر الإعلام أسوة بالأصحاء دون التركيز على النموذج الطبي فقط.
في أمريكا كافح جمهور الصم من أجل الحصول على المساواة مع الأشخاص الأصحاء، لسماع ما يدور في جميع أنواع الأفلام، وليس فقط تلك التي تعتمد بشدة على الصوت كالأفلام المرعبة.
تلك المطالبة تعد علامة بارزة للتقدّم في مجال الحقوق لفئة الصم من أجل المساواة في استهلاك وسائل الإعلام.
الحكم الفدرالي الجديد لصالح ذوي الاحتياجات الخاصة في استهلاك المنتجات الإعلامية يشترط توفير شرح مصور للسينما والوصف الصوتي بحلول صيف 2018، الذي يجب أن تلتزم به جميع دور السينما.
كل التجارب العالمية من المجتمعات التي سبقتنا فيما يتعلّق بحقوق ذوي الهمم أحق أن تتبع، والبدء من حيث انتهى الآخرون بالاهتمام بزيادة نسبة تمثيل هذه الفئة في الإعلام، وحقها في استهلاك وسائل الإعلام التي تتناسب مع نوعية وحجم الإعاقة التي يعاني منها ذوو الهمم.