سعد بن عبدالقادر القويعي
في التقرير الذي نشرته أشهر الصحف الفرنسية «لوموند» حول البرنامج الذي تقوده «حملة السكينة»، وثناءها على نشاط الحملة؛ من أجل إعادة المنتمين إلى الجماعات الإرهابية إلى الطريق الصواب، وذلك من خلال المحادثات الطويلة على الشبكات الاجتماعية حول مواضيع منوعة، مثل: مفهوم «التكفير»، والتنبيه على ما يترتب عليه من نتائج عكسَة، تؤدي إلى الإساءة للإسلام، هو في حقيقة الأمر تأكيد على أهمية الأنشطة الخاصة بالأمن، والاستقرار، ومكافحة التطرف، وتجفيف منابعه التي تقوم بها الحملة، وكشف زيغ المتخبطين، والجاهلين من المتطرِّفين، وفضح أباطيلهم.
كخطوة مهمة لبناء الإطار المفاهيمي، فإن الأمر يتطلب تقديم توضيح لمكونات الإطار المفاهيمي، وعناصره، ثم شرح لكل مكون، وبيان استراتيجيات المعالجة، - ولذا - كان من أهم الأهداف العامة التي حرصت عليه « حملة السكينة «، هو نشر المنهج المعتدل، وتكريس قواعده، وضوابطه، ومفاهيمه، - إضافة - إلى نشر التسامح، ونبذ التعصب، والابتعاد عن الغلو، والتطرف، ولا يتأتى ذلك إلا بالحوار المثمر في القواسم المشتركة؛ من أجل إبراز سماحة الإسلام، ورسالته القيمة، ويسر تعاليمه، والدعوة إلى سلوك طريق وسط، لا إفراط فيه، ولا تفريط. - وفي المقابل - فإن الاعتدال لا يعني غياب الموقف الواضح، أو ضعفه إزاء الأمور مهما احتدمت، أو اختلفت ، ومثله فإن الوسطية لا تعني تراجعا في حسم المبدأ، والتغاضي عن الخطأ .
عرض التجربة السعودية المعتدلة، والتي تبوأت مكان الصدارة في العالم في مكافحة الإرهاب - أمنيا وفكريا -؛ لتعزيزها، والإفادة منها، - لاسيما - وأنها وطن الإسلام، والتوحيد، وبلد الاعتدال، والوسطية، تقوم على منهج الدين القويم، وشرعته الظليلة، هو ما أكده مندوب المملكة لدى الأمم المتحدة - الدكتور - عبدالله المعلمي في كلمته خلال الاجتماع الوزاري ، والذي نظمه وفد المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، بأن المملكة: « أطلقت عددا من البرامج، والحملات؛ حتى أصبحت أنموذجاً يحتذى، كمركز اعتدال، وحملة السكينة، ومركز المناصحة».
بقي القول : إن التطرف إشكالية خطيرة، - فضلا - عن أثر الغلو التعسفي على التصورات الفكرية، وجرأة التأويل الباطل. وسيبقى رصد الظاهرة هو القاعدة التي تبنى عليها أساسيات الوقاية، والحماية؛ مما يستلزم البحث، والتقصي، والتحليل الذي يؤدي بدوره إلى فهم المنطلقات، والسياقات، والمآلات، ومن ثم وضع الأطر العملية الكفيلة بمواجهة هذه التحديات؛ للحفاظ على القيم الإسلامية المعتدلة ، وتوضيح الأفكار الدخيلة المتطرفة التي لا تمت للإسلام بصلة، وليست منه في شيء.