د. عبدالرحمن الشلاش
أبو شهاب مواطن من هذا البلد تعود أن يقضي إجازاته الطويلة والقصيرة في بلد «ما»، وربما يمر في بلدان أخرى في طريقه إلى مقصده، المهم أنه لا يمكث في وطنه ولا يشجع سياحته، وربما قضى الإجازة في بلد وعائلته في بلد آخر. يقضي إجازاته ممارسا لكثير من السلوكيات غير المقبولة، ومتمتعًا بكل ملذات الحياة، ومتقلبًا بين شهواته ورغباته، يمارس كل ما يراه سيئًا ومحرمًا على أبناء وبنات مجتمعه من اختلاط وسماع للموسيقى ومشاهدة للأفلام السينمائية، ولن أتحدث عن ممارساته غير المشروعة التي ينقلها لنا رفاقه والمطلعون على أحواله والعارفون ببواطن أموره وشقاوته ومغامراته المجنونة وصداقاته العريضة مع كل الأجناس والأعراق.
من حق أي إنسان أن يسافر وهو مسؤول عن تصرفاته ولن يجادله أحد أو يحاسبه طالما أنه لا يعيش حياة مزدوجة بين التقى والصلاح وتوجيه المجتمع داخليا بينما يمارس الموبقات خارج الحدود ودون ضوابط أو حدود يقول ما لا يفعل، ويفعل ما ينهى عنه. لكن أبا شهاب هذا النموذج غير الفريد لأن أمثاله في مجتمعنا كثير عبارة عن شخصية تعيش حالة من الازدواجية ومثل هذه النوعية يستغلها أصحاب التوجهات المتطرفة كأدوات من حيث لا يعلمون أو يعلمون وينفذون بحماس يفوق حماس المتطرف نفسه، وسطحية توضح كم الجهل الذي يغرق فيه ويريد أن يغرق المجتمع كله، يحاول أن يكتم أي صوت مخالف وأي فكر غير متوافق مع فكره العفن بل ربما لجأ إلى التحريض عليه وإغراء السفهاء والجهال به.
هذه الشخصية خطرة جدا لأنها شخصية منافقة تدعي الشرف وهي بعيدة عنه، هؤلاء هم الذين يقولون ما لا يفعلون يسمون بالمستشرفين يلبسون ثياب الشرف فقط هنا ثم يرمونه عندما يغادرون. في هذا العصر شكلوا ظاهرة خطيرة جدا. تجد أحدهم مثلا في «الواتس أب» يردع كل من يرسل مقطعا بقوله هذا مقطع ماجن، وهذا فيه موسيقى، وهذه النكتة فيها استهزاء بالدين، وهذا المفكر علماني وذاك ليبرالي، وفي أحسن الأحوال جامي. يجلس في استراحته ليشخص الواقع ويطلق الأحكام ويجلد المخالفين بلا هوادة ولا رحمة متجردا من الأدب ومستخدما أقذع الألفاظ وأبشع الأوصاف. يعيش بشخصيته المتناقضة «المنافقة» حين يرفض الاختلاط العابر وينتقد أي خطوات إصلاحية في بلاده حيث يرى أن أي خطوات لانفتاح المجتمع على العالم، والخروج من التزمت ما هي إلا خطوات في طريق تغريب المجتمع وانحلاله.
شخصية مريضة معتوهة تردد ما تسمع كالببغاء دون وعي أو إدراك أو تفكير تجمع بين الجهل والخبث ليس لها مبدأ ثابت تمتدح أي أمر يصب في مصلحتها. علاجها بالمواجهة الجماعية وتعرية واقعها السيء والتحذير من خطرها وإن تركت فستكون السوس الذي ينخر في بناء المجتمع لا قدر الله.