فهد بن جليد
أرجح الأقوال إنَّ (السمبوسة) أو (السمبوسك) أصلها من الهند وليست من تركيا كما يُشاع، نقلها التجار الحضارم إلى اليمن مع أنواع المقالي الهندية الأخرى، ومنه وصلت الحجاز لتُصبح أكثر الأكلات الرمضانية شهرة في الخليج والعالم العربي، فيما أنَّ شقيقها اللَّزم في الشهر الفضيل (مشروب الفيمتو) والذي اعتدنا على رشفات منه مع إفطار رمضان اليومي، هو (إنجليزي) الولادة والمنشأ، عُرِّف العام 1908 للمرة الأولى في (مانشستر) كمشروب عشبي يمنح الطاقة - بحسب أكثر من مصدر - بمُسمى (Vim-Tonic) الصودا المُنشطة، قبل أن يتم اختصاره إلى (Vimto)، وفي هذا دلالة على أنَّ هذه الأغذية ليست مُسَلمَات تراثية (من بيئتنا) بمائدة رمضان التي يُمكن إعادة تشكيلها من جديد وفق ظروف العصر، دون الحاجة لكسر الروتين الغذائي اليومي، أو إلزام أنفسنا وأسرنا (بطقوس غذائية) خاصة دون أصل، بتكلفة مالية إضافية أكثر.
العادات الغذائية وسُفر رمضان هذا العام على المحكِّ، ممَّا يُنبئ باختفاء بعض العادات الغذائية السابقة التي توارثتها الأجيال أو تراجع حضورها على أقل تقدير، هناك عدة عوامل يُنتظر أن تؤثر في مشهد التسوق وصورته، في مقدمتها المواعيد الجديدة لصرف المرتبات الشهرية - على غير عادة السنوات الماضية - عندما كانت القوة الشرائية والاستهلاكية ترتبط بتوفر السيولة في الأيام القليلة التي تسبق الشهر الفضيل، إضافة إلى دخول احتساب قيمة (الضريبة المُضافة) على الخط، ما جعل نسبة كبيرة من المُستهلكين يعيدون ترتيب أوراقهم واحتياجاتهم بالشكل الصحيح، ويراجعون حساباتهم أكثر ليكونوا (عقلانيين) بما فيه الكفاية فيما يخص مؤونة هذا الشهر الذي ليس هناك حاجة فعلية في تغييرها عن مؤونة باقي أشهر السنة المتوفرة في مخازن ومطابخ البيوت أصلاً، صورة الأسواق ستنجلي أكثر في الأيام القليلة المُقبلة لتؤكد ذلك أو تنفيه - رغم ارتفاع الأسعار ولهيبها -.
روحانية رمضان لا ترتبط بموائده الخاصة وعاداته الغذائية، وقد حان وقت تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة حتى لا تكبر مع الجيل الجديد، فرمضان شهر (عبادات لا مأكولات) فيه معانٍ سامية للبشرية جمعاء، للإحساس بآلام الجياع والفقراء في العالم، وشكر الله على فضله وكرمه، وتقواه بحسن العبادة بالمضمون لا بشكل (ترك الطعام أو كثرته) !.
وعلى دروب الخير نلتقي.