م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. تقول العرب: «الفضيلة وسط بين رذيلتين».. وكذلك الشخصية السوية هي وسط بين صفتين التطرف في أي منهما يعتبر رذيلة.. فالشخصية المرتابة الشكاكة تقابلها الشخصية الساذجة السطحية.. وإذا كان الشكاك يعيش في هم مقيم فإن الساذج يعيش في هناء مُصطنَع مُتَوَهَّم.. كأخِ الجهالة في الشقاوة ينعم.
2. تقول العرب أيضاً: «الشك من الحزم».. وهذا ليس تبجيلاً في الشك بل ذم في السذاجة.. فالشك يجب أن يكون حاضراً في حياتنا ولكن بنسبة لا تفسدها.. فكثرة الملح مضر للطعام كقلته.. والتطرف إلى أي من الجهتين يعتبر اضطراباً في الشخصية يحتاج إلى علاج.
3. مدركات العقل من معارف أو تجارب تؤثر كثيراً وبعمق في الشخصية.. وإن كان المؤثر الأول هو كيمياء الجسد.. فالشخصية تنبع من الداخل وإن تأثرت بالمؤثرات الخارجية.. من هنا فالشكاك يُوْلدُ شكاكاً.
4. الشكاك يقظ حذر.. لهذا يغلب عليه سوء الظن.. ويفسر الأقوال والأفعال والمصادفات تفسيراً يغلب عليه سوء ظن.. لذلك فهو لا يثق في الناس ويتوقع منهم الأسوأ.. وهو ما يجعله دائماً في وضع متحفز هجومي.. ولا يغفر أي غلطة أو زلة لأنه يعتبرها فعلاً مقصوداً.. فيرتفع صوته وينتشر خلافه.. ويضمر حقداً في نفسه ولا يسامح.
5. الشكاك عقلاني أكثر من الساذج العاطفي الذي يرى الناس والحياة باتجاهها الأفقي.. لا ارتفاع ولا عمق إنما اتجاه سطحي.. لذلك ينعم الساذج بصفات الفضيلة.. فهو ينسى ويعفو ويسامح ويتنازل دون إدراك لأبعاد هذه الصفات الكريمة.. بعكس الشكاك الذي يتصيد الهفوات والأغلاط.. ويجمع الإدانات ويحتفظ بها في ذاكرته ويكرر الاستشهاد بها والاستناد عليها.
6. الشكاك المتطرف في شكه لا يمزح ولا يتفاكه ولا يبتسم ولا يجامل.. وهو يصغي لا ليفهم بل ليؤوّل ويفسر.. لذلك هو في منافسة دائمة مع كل شيء.. والعالم من حوله سلسلة من المؤامرات.. وهذه الطبيعة نمّت لديه مهارات المراقبة والربط بين الأقوال والأحداث.. وجعلته ينساق بتطرف أحياناً في قراءة ما بين السطور وتفسير كل كلمة على أنها إشارة مقصودة.
7. الشك: وسط بين يقينين.. الشكاك: تحرر من يقين.
8. الشك عذاب.. الشكاك مُعَذَّب.