د. محمد عبدالله الخازم
اختارت الجامعة العالمية الطبيب السعودي لتمثيلها في المؤتمر العالمي. خبر ظاهره جميل، لكن لو تم فحصه لوجدنا أنه تقدم للمؤتمر مثل غيره وحصلت ورقته على قبول بالمؤتمر ووافقت جامعته على دعمه بمبلغ بسيط كما تفعل مع طلابها وباحثيها. مئات الباحثين يقومون بالفعل ذاته، ولكنه سرب الخبر وكأن مجلس إدارة الجامعة اختاره كممثل ومتحدث باسمها في ذلك المؤتمر. تصوروا لو كان كل أستاذ يشارك في مؤتمر يعتبر نفسه ممثلاً للجامعة أو للوطن، لوجدنا آلاف الممثلين. كلمة تمثيل الجامعة لا ينطبق سوى على من تمنحه إدارتها العليا الحديث بإسمها في محفل ما أو مناسبة ما، وفي المجال العلمي يندر أن تجد ممثلاً لأي جامعة، بل إن الباحث يمثل نفسه وفريقه البحثي بالدرجة الأولى. حتى من يرشحون لحضور مناسبات علمية محددة، لا يقصد بذلك تمثيلهم الجامعة وإنما موافقة الجامعة على حضورهم للمحفل العلمي.
اختيار البروفسور السعودي لعرض تجربة المملكة في المؤتمر العالمي وقد حظيت المشاركة بإشادة دولية. لو بحثت في التفاصيل لوجدته تقدم بورقة علمية مثله مثل أي باحث وتم قبولها بالمؤتمر وذهب وألقى بحثه لمدة عشر دقائق وأشاد به بعض زملائه - ربما من باب اللطف- وبتجربته. قد يكون تم اختياره ضمن المتحدثين الرئيسين إما لتميزه في مجاله أو مجاملة لعلاقة الجهة المنظمة بجامعته أو بلده. عندما نقرأ الخبر محلياً يخيل لنا أن كان نائم في بيتهم فجاءه اتصال فجأة يترجاه الحضور للمؤتمر ويتكفل بمصاريف سفره ورحلته. آلاف الأساتذة يشاركون بمؤتمرات مماثلة، ولم نسمع عنهم لأن ذلك الأمر الطبيعي، إلا صاحبنا وعن طريق معارفه بدأ كأنه السوبر ستار الذي مثل المملكة دوناً عن بقية الباحثين السعوديين.
اختارت اليابان المتدرب السعودي ليكون مديراً عاماً للصحة. مذهل كيف يتم اختيار متدرب أجنبي لمنصب رفيع كهذا؟ لكن عند البحث في التفاصيل تجد أنها لجنة تابعة لقسم أكاديمي بالجامعة يختار لعضويتها المتدربين وبحكم أقدمية طبيبنا تم اختياره للمنصب. لكننا ومن منطلق تصور ذهني عن الصحة العامة أو كلمة مدير تصورناه منصباً رفيعاً على مستوى الدولة أو الجامعة.
أختارت الجامعة العالمية الدكتورة السعودية لتنظم لبرنامجها لمرحلة الدكتوراه وهو الفريد من نوعه ويلتحق به النخبة ... إلخ. عندما نقرأ الخبر نشعر بأن الأمر انتخاب نوعي بينما هي عملية القبول المعتادة التي يحصل عليها طالب الدراسات العليا. أمر جيد تحقيق شروط القبول بالجامعة العالمية، لكن تصوير الأمر وكأنها دعوة من الجامعة لا يختلف عن خبر تمثيل الجامعة العالمية واختيار المؤتمر العالمي.. ويزداد الأمر ضحكاً حينما يتباهى طبيب بإختياره لبرنامج إدارة أو علوم سياسية وليس برنامجا أكلينيكيا..
تلك عينة أخبار ينشرها الإعلام، يسوقها البعض عن أنفسهم بصياغات باذخة. يزعجني أحيانأً قيام الجيل الصاعد وبالذات المبتعثين الذين يفترض تحليهم بالعلمية والمصداقية بهذه الأساليب الدعائية في الترويج للذات. وبعضهم لو ترجمت أخباره لربما ضحكوا منه في جامعته الأجنبية أو حتى عاقبوه على زيف الترجمة...
ملحوظة: وإن تشابهت الأخبار فلا نستقصد أسماء محددة هنا.