هدى بنت فهد المعجل
نذعن عندما نحنُّ إلى السكينة، نسلِّم حينما نملُّ التبرير، نركن إلى الهدوء طمعًا في التفكير؛ فهل نجد الهدوء بانتظارنا، أم جرفه التيار عنا؟
الحياة أضيق وأقصر من أن نتلو سفر الألم، أو نقلّب صفحات الوجع، وإن قست علينا، أو وشت وتربصت بنا.
بالأمس كانوا حول بعضهم بعضًا، واليوم فرّقت بينهم الأقدار غضبًا، أو موتًا، أو سفرًا، وفراقًا! الحياة لا تصفو لأحد، ولا تنطفئ في وجه أحد! الحياة بين العوم والطفو ونحن معها كذلك؛ بالتالي لن نتصالح معها ما لم نمرر هفواتها أو هفوات من هم فيها ضدنا؛ لذا فإن السكينة والتمرير والهدوء مطلب العقلاء وإن مادت بهم سفن الحياة، أو أشرقت غربًا، أو غربت شرقًا!!
كلنا يفترض أن ننتظر من أنفسنا خيرًا، وكل نفس يفترض أن تنتظر منا خيرًا، ولو حققنا المفترض والمفروض تحققت الراحة، وتيسر لنا الاطمئنان.
اسمي لا يحمله سواي، بمعنى: لو كنت بصحبة ابني أو ابنتي فما من وثيقة رسمية سهلة الحمل تدلل على أمومتي له باستثناء شهادة الميلاد. بخلاف الأب؛ ينتسب الابن إليه؛ فيظل يحمل اسم والده وإن مات، بينما الأم لا شيء يدلل على انتساب الابن أو الابنة إليها!! وقد كان يكتب في الجواز سابقًا اسم الأم، بيد أنه أُسقط بعد ذلك دون مبرر واضح!! فهل نُسقط أسماءنا من ذاكرة التاريخ وإن سقطت من هوية أبنائنا..!! في تفرغنا لحفظ أسمائنا من السقوط من ذاكرة التاريخ اشتغال بنا وبها عن آلام الحياة، وهفوات البشر، وسقطات الإنسان. وفي تفرغنا ذاك إدارة ظهورنا لسفاسف الأمور وترهات الكائن البشري أو ترهات أنفسنا. عيبنا أننا لا نحرص على الاشتغال على أنفسنا، تتبع هواياتنا، أو مواهبنا، أو قدراتنا، أو الحروف الأبجدية للإبداع فينا! عيبنا أننا لا نهتم، أو لا نرعى، أو لا نعتني بأنفسنا الاعتناء البنّاء المنتج والمثمر، بل نستهلك وقتنا، وزهرة عمرنا، ووردة شبابنا فيما لا طائل منه!! علمًا بأن الحياة متعة إن نحن أحسنا التعامل معها؛ إذ بالإمكان العبُّ من ملذاتها وأنت تؤسسين لشخصيتك أو تعمرين اسمك، وتلتفين حول نفسك، تحيطين بها، تتابعينها، وتمتعينها في الآن نفسه! وبالتالي تعودين من حيث بدأت.. تذعنين عندما تحنين إلى السكينة، تسلِّمين حينما تملِّين التبرير، تركنين إلى الهدوء طمعًا في التفكير؛ فهل ستجدين الهدوء بانتظارك، أم جرفه التيار عنك جرفه لأشياء كثيرة غيرها!؟