فهد بن جليد
(إذا لم تكن نبوءتك موفقة ذات مرة، فلا تغضب، فأنت مع أفضل صحبة خبراء الأرصاد) هذا ما يقوله عالم الطقس السويسري الجغرافي المُتخصص (أورس نوي) في كتابه (كيف تتنبأ بالأرصاد بنفسك؟) الذي يُنهي حالة جدلية في الغرب، سبَّبتها أخطاء طفيفة في توقعات النشرات الجوية التلفزيونية التي تعتمد على الهيئة المُتخصصة والخبراء في مجال الطقس، عكس الحال في عالمنا العربي الذي يبدو أكثر انحرافاً عن المعيار الدقيقي في التنبؤ الصحيح، ورغم ذلك تشتعل الحرائق والخناقات لدينا في كل مكان بين الجهات المعنية بالأرصاد وأصحاب التوقعات في وسائل التواصل الاجتماعي، ومن يقدمون أنفسهم كخبراء عبر وسائل الإعلام -وبين هذا وذاك- تُداهمنا الأمطار والعواصف الترابية مُخالفة توقعات هؤلاء المُتأخرة غالباً، وكأنَّهم ينتظرون خارج المُدن ليُبلغونا عن حالة الطقس المُتوقعة؟
في مصر سيُصبِّح السجن مصير من يتوقع أحوال الطقس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويتنبأ بالأحوال الجوية المُقبلة بدلاً من الهيئة العامة للأرصاد الجوية هناك, بل إنَّ امتلاك أجهزة رصد وتنبئ بأحوال الطقس يُعتبر جُرماً يُعاقب عليه القانون الذي سيتم إقراره قريباً -بحسب تصريحات تلفزيونية لرئيس الهيئة المصرية- الذي ألمَّح بأنَّ المنع يشمل المؤسسات والوزارات الأخرى، هذا التفرُّد بالقراءة الواحدة والرأي الواحد يأتي للحد من الكذب والشائعات والبلبلة التي يُثيرها خبراء الطقس للناس، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ممَّن باتوا أكثر من الهم على القلب في كل البلدان العربية.
عِلمُ الأرصاد الجوية (علم مُستقل) له قوانينه وأنظمته ومُعطياته, وما زلنا حتى اليوم ننتظر من المُختصين فيه أن يُغيِّروا من حالنا معه -بعد استباحته- بالشكل العشوائي الذي نراه, خصوصاً مع ظهور العديد من التطبيقات الإلكترونية في الهواتف الذكية، التي ألغت مثل هذا التفرُّد بالتوقع اليومي، مع ظهور الكثير من المُتفيّقهين على طريقة الخبير السويسري أعلاه ممن يملكون الجرأة والشجاعة والفراسة لتحليل خرائط الطقس الجوية المُتوفرة على الإنترنت مجاناً, لتُصبح اجتهاداتهم وتفسيراتهم المُتشابهة تحليلاً, فيما يُفترض أنَّ المُختصين يقومون بدور مُساند للجهات المعنية بالبيئة والطقس في كل البلدان.
الأيام تمضي ووسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية لدينا تعُجُّ بالخبراء المُفترضين الذين يتحدثون عن تنبؤاتهم -دون رخصة- وسيزداد العدد بسبب سهولة القراءة والتوقع دون الحاجة إلى علم أو إلى (رخصة) من الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة السعودية، التي أعلنت ضرورة ذلك العام 2014م عندما كانت رئاسة، وهو مالم يتم حتى اليوم؟
وعلى دروب الخير نلتقي.