إبراهيم عبدالله العمار
هناك مشروب خضار معروف اسمه في8 (V8)، كان يُعلَن باستخدام عبارة: كان يمكنني أن أشرب في8 بدلاً من هذا! وتعني أن الشخص بعد أن ينتهي من المشروب الغازي أو شراب الفاكهة والذي يمتلئ بالسكر الضار كان بإمكانه أن يجعل هذا السائل الذي في بطنه الآن شيئاً نافعاً. هذه الحملة الدعائية تقارن هذا المشروب ببقية المشروبات مثل الغازيات والعصائر وما إلى ذلك، وذلك إشارة لمحتوى المغذيات فيه مقارنة بها، وهي على ظاهرها ممتازة، غير أن هذه العبارة الدعائية لم تنجح! بل المقارنة كانت ضد هذا المشروب لأن الزبائن والناس فضلوا تلك الأخرى عليه. ماذا فعلت الشركة المنتجة؟ فكروا بتغيير الغرض، فصاروا يستقصدون الأطفال والراغبين في المغذيات بدون تعب الحصول عليها من الخضروات، فنافسوا الخضار بدلاً من المشروبات، وهنا نجحوا.
من الأساسي معرفة الغرض من أي شئ تريد الترويج له. هذه الفكرة توضح سبب فشل المدارس الأمريكية في تحفيز الطلاب نحو التعلم وحب الدراسة رغم ما في مدارسهم من تقنية وترفيه ورحلات إلخ. السبب هو الجهل بالغرض الذي يريد الطالب تحقيقه كما يفيد الخبير كليتون كريستنسون، فالطالب أو الطفل لا يرغب الدراسة في حد ذاتها، بل هو يريد شيئين أساسيين: الشعور بالنجاح، ومصادقة الغير، كل يوم. ربما يستطيع الطفل تكوين صداقات في المدرسة لكن ليس للمدرسة دور بارز في هذا، فيمكن أن يترك الدراسة وينضم لعصابة إجرامية ليحصل على أصدقاء. إن الحل أن تصنع المدرسة تجارب ومواقف يومية بحيث يحقق الطفل هذين الهدفين. لن تستطيع تحفيز الطلاب أن يحرصوا على الدراسة بأن تقنعهم أنهم يجب أن يفعلوها.
إن هذا المبدأ ليس تجارياً فقط بل يمتد حتى لحياتك الشخصية! إن أنجح الزواجات هي التي تعمل من هذا المنظور، وبعض أتعسها هي التي تقوم على التضحية والإيثار، فإذا عرف الزوج والزوجة ما هو الغرض من كل منهما كزوج وزوجة والأدوار والمهام التي قبل بهم الطرف الآخر من أجلها كان زواجاً مثالياً ناجحاً.