رجاء العتيبي
بإطلاق برنامج جودة الحياة 2020 الذي أعلن عنه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية مؤخرا، نكون أمام فتح كبير، ليس في محتوى البرنامج فحسب، ولكن في أن الرؤية تأتي من الدولة وليس من جماعات وتحزبات وضعت من نفسها مراقبة لعباد الله، وتبين لهم ما يأكلون وما يشربون وما يفعلون، وكأنها (دولة داخل دولة).
هذا الوضع انتهى وولى وباتت الدولة التي هي التي تقود زمام الأمور حسب رؤية واضحة تسير من خلالها نحو المستقبل بمشاركة المجتمع والقطاع الخاص، لم يعد هناك فئة معينة تفرض نفسها على المجتمع، وتحدد لهم مسيرة حياتهم، تمنع وترفض وتتهم وتقصي، بتنا أمام عهد جديد يعيش فيه المواطن السعودي بعيدا عن (التجاذبات) الاجتماعية التي أرهقتنا ردحا من الزمن.
بمقدور المواطنين أن يعيشوا داخل مجتمع متصالح مع نفسه ومع دولته ومع مؤسساته، كل منهم يمثل نفسه ولا يمثل جماعات معينة ولا طوائف متطرفة ولا تحزبات عنصرية، ليس في المجتمع أطراف متصارعة، وإنما مجتمع سعودي وكفى، لكل منهم الحق أن يعيش حياته ويتخذ مواقفه كما يراها هو، يقوم الصباح ويتجه لعمله، ويتعاون مع الآخرين بمختلف شرائحهم، يهتم بالمستقبل، ويمارس الرياضة ويذهب للأماكن الترفيهية والثقافية، دون أن يشعر بالذنب أو يشعره أحد بتأنيب الضمير، لأن كل ما يفعله نابع من ذاته ومن قناعاته هو، وفقا للتعاليم الدينية السمحة وليس وفقا للتعاليم المتطرفة الخاضعة للأهواء والأدلجة والسوداوية.
وجودة الحياة التي يعنيها البرنامج ليس في كون المواطن يمارس الرياضة والترفيه فحسب، وإنما الجودة تعني أنك تعيش حرا في قراراتك ليس ثمة وصي عليك، وليس ثمة رقيب عليك سوى نفسك، لا تخشى لوم فلان أو علان ولا تتحرى إقصائيا يرمي بك عرض الحائط، الله وحده هو من تخشاه ليس بينك وبينه وسيط، ولا رهبانية في الإسلام.
ليس أجمل من أن تعيش وفقا لأنظمة الدولة، وليس لأنظمة جماعة متربصة، أن تعيش فردا تتلاقى مع أفراد آخرين من شرائح مختلفة داخل منظومة سعودية، أفضل ألف مرة من أن تعيش حبيس اتجاه فكري خارج نطاق الزمن يأخذك عن واقعك، عن أبنائك، عن دولتك، عن مصالحك، لتذوب في مصالح الجماعة - أي جماعة - بلا هدف ولا رأي ولا شخصية.
عش حياتك كما تريدها أنت، كما تتحقق من خلالها مصالحك، كما تشاهد أبناءك يكبرون أمامك وفقا لرؤاك أنت, أبناَءً يشبهونك أنت، يخدمون وطنهم ويسهمون في تطوره ويعكسون عنه صورة حضارية.
جودة الحياة هي في أن تمارس حياتك الطبيعية حسبما تصفها أنت، وتحددها أنت، وتراها أنت لذلك جاء البرنامج ليدعم هذا التوجه، مركزا على إنشاء البنية التحتية، ضمن محتوى ترفيهي ثقافي اجتماعي رياضي يتيح الفرص للجميع بمختلف مناطق المملكة.