ناصر الصِرامي
من الواضح والمؤكد أن العمليات التصحيحية التي تشهدها البلاد، في كل مجالات الحياة وقطاعات الأعمال المتعددة والمختلفة، لم تعد حالات طارئة، أو مؤقتة كما يتوهم البعض. بل نحن أمام دقة واستمرارية في مسيرة التغير التي تشهدها البلاد.
موضوع الفساد الذي أشغل المجالس وظل مدار الأحاديث لعقود، وقصص بأرقام من خيال تنتقل بسهولة من حساب لحساب، أصبحت مواجهته أمراً منظوراً ومستمراً بكل صرامة وحزم.
من يعرف الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله-، منذ أن كان أميراً للرياض، يدرك جيداً شخصيته المتفردة وذاكرته الحادة، وحضوره الدائم إلى جانب كل ملوك المملكة السعودية السابقين وسيدرك المتابع له في تاريخ طويل من الحكم والعلاقات الاجتماعية العميقة، سيدرك - أن هذا الملك التاريخي كان باستمرار ولعدة عقود طويلة عارفا للأشخاص والسير، والكثير الكثير من الملفات، التي أمسك بزمامها أو مرت بين أنظاره..
ينقل عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وعبر كل وسائل الإعلام الغربية والعالمية، أنه ظل محافظا على نزاهة رجل الحكم، البعيد عن التجارة ومنافسة الأعمال. بل أتذكر جيدا أنه كان الأقرب لهم ولشكاويهم وهو يحضر سنويا حفل الغرفة التجارية الصناعية بالرياض بحضور سادة الأعمال وسدنة الاقتصاد، يسمع ويعلق ويدون الكثير في الذاكرة..
ومن بينها بالطبع حكايات وشكاوى الفساد العديدة، كل الملفات بلا استثناء كانت في حضرته، وحين استلم الحكم بكل صلاحياته، كانت الملاحظات حاضرة لمعرفة التفاصيل واتخاذ القرار الأهم للتصحيح العاجل واللازم لدولة وبلاد وتاريخ، وحيث يضع ملكها الاستثنائي أولوية باقية لاستمرار الدولة السعودية واستقرارها ورفاهيتها لأجيال عديدة وعقود مديدة، تبقى فيها السعودية راسخة ومتطورة، والمستقبل وجهتها الوحيدة.
بالأمس أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتوفير الحماية الكافية لكل موظف يتقدم ببلاغ ضد ممارسات الفساد المالي والإداري بما يضمن عدم التعرض له وظيفيًا أو المساس بميزاته أو حقوقه.
ذاكرة الوطن والتاريخ السعودي، ملك البلاد وحاكمها، وجه الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالرفع بشأن أي جهة تتخذ إجراءات تأديبية بحق أي موظف أو المساس بأي حق من حقوقه أو ميزاته الوظيفية، عند تقديمه بلاغًا للجهات المختصة عن ممارسات فساد فيها. بل والرفع للمقام السامي عن أي جهة تقوم باتخاذ إجراءات تأديبية بحق أي موظف أو المساس بأي حق من حقوقه أو ميزاته الوظيفية، بسبب تقديمه بلاغًا للجهات المختصة عن ممارسات فساد فيها.
ما كان يحدث، قبل هذا الأمر الملكي، أنه وبالرغم من أن هيئة مكافحة الفساد تحافظ على سرية هوية المبلغ وبياناته، إلا أن الجهات تتوصل إلى تحديد هوية المبلغ لاعتبارات منها اختصاص المبلغ المباشر بالمعلومات أو لأي سبب آخر، وبالتالي يتعرض للمضايقات وربما الإبعاد، وبالطبع هناك شكاوى كثيرة وبعض القصص، إلا أن الأمر الملكي سيضع حداً لها، ولحماية كل مكافح للفساد، كل مواطن مخلص يزعجه هدر ثروة بلاده!
طبعا لا يمكن تجاهل البلاغات الكيدية، وتلك تتم معاملتها وفق ما تقضي به قواعد الحد من أثار الشكاوى الكيدية والدعاوى الباطلة، إلا أننا بانتظار إجراءات إصدار نظام حماية الشهود والضحايا ومن في حكمهم وبدء سريانه..
نحن في السعودية اليوم نتجه للأهم « سيادة القانون»، في بلد يتجه بسرعة مذهلة وبقيادة متفردة نحو التاريخ والمستقبل معا.. سيرة حاضرة للحظة، اليوم والغد، يدون صفحاتها آخر ملوك المملكة العربية السعودية من أبناء المؤسس.. الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.