أ.د.عثمان بن صالح العامر
أطلق مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الخميس الماضي برنامج جودة الحياة 2020 الذي يعد من أهم مفردات ومتطلبات تحقيق رؤية المملكة 2030، وتعكس الخطة التنفيذية لهذا البرنامج النوعي الطموح رؤية حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز - حفظهما الله ورعاهما - وتوجيهاتهما في تهيئة البيئة اللازمة لتحسين نمط حياة الفرد والأسرة، ولدعم واستحداث خيارات جديدة تعزِّز المشاركة في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية والأنماط الأخرى الملائمة التي تسهم في تعزيز جودة الحياة، وخلق الوظائف، وتعزيز الفرص الاستثمارية وتنويع النشاط الاقتصادي، وتعزيز مكانة المدن السعودية في ترتيب أفضل المدن العالمية.
والمطلع على وثيقة هذا البرنامج يقرأ بين أهدافه الأساس (تنمية مساهمة المملكة في الفنون والثقافة)، وعلى افتراض التسليم بما ذهب إليه أشهر المعرّفين للثقافة الإنسانية الأنثروبولوجي البريطاني إدوارد تايلور(1832- 1917)، بأن الثقافة هي ذلك الكل المركب الذي يشمل المعرفة والمعتقدات والفن والأخلاق والقانون والأعراف والقدرات والعادات الأخرى التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضواً في المجتمع. أقول على افتراض أننا سلمنا بهذا التعريف فإنه في هذه المرحلة التاريخية يتوجب على المثقف السعودي الذي يعتز ويفخر بانتمائه الوطني صياغة ثقافتنا التي نريد أن نسوقها للآخرين ونسهم بها عالمياً صياغة جديدة تقف على أرضية محلية وتكتب بلغات عالمية حيّة، آخذاً في الاعتبار ما يزخر به موروثنا الثقافي من زاد وثراء أشد ما تكون الإنسانية حاجة إليه في عالمنا المعاصر، فضلاً عن ذلك فإن لدينا كماً هائلاً من المشترك الإنساني يصلح لأن يكون قاعدة أساساً للالتقاء على كلمة سواء مع غيرنا من شعوب العالم قاطبة، فالكرامة الإنسانية إحدى مفرداتنا العقدية المسلّم بها عند الجميع، والتعارف بين الشعوب سر من أسرار الاختلاف والتنوّع البشري في كتاب ربنا المحفوظ، والقيم منزلتها في الإسلام عظيمة، فنحن مأمورون أن نعامل الناس بخلق حسن، والعدل أساس الحكم بين بني آدم في شرعنا الحنيف: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.
صدقوني لدينا الكثير من المفردات الثقافية التي يمكن أن نسوقها للعالم متى ما آمنا نحن بها أولاً واستطعنا أن نقدّمها بقالب يتوافق ولغة العصر وأسلوب التشويق والجذب واخترنا الزمان والمكان والحال المناسبة للعرض، فالعولمة لها إيجابياتها التي يجب أن نفكر جيداً في كيفية استغلالها لتقديم أنفسنا وثقافتنا من جديد بالطريقة التي تتوافق والذهنية الغربية ومن خلال الانطلاق من المشترك الإنساني. دمتم بخير وتقبلوا صادق الود ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام