فهد بن جليد
الصينيون حُكماء مُنذ الأزل (فالعنوان أعلاه) هو أحد أمثلتهم التي تدلُّ على أهمية وضرورة الترحيب بالزبون, واستقباله بوجه حسن مُبتسم, ومنحه كامل الاهتمام والعناية واللطافة - حتى لو لم يشتر من عندك شيئاً - فحُسن التعامل, وسحر الكلمات وعذوبتها جزء من التسويق الجيّد, لأنَّ المُجاملة هي سيدة الموقف هنا لعودة الزبون إليك مرَّة أخرى.
ذات يوم كتب الزميل (عماد الدين أديب) مقالاً في صحيفة الشرق الأوسط تحت عنوان (المهنة لبناني) تحدث فيه عن سر الإعجاز البشري الذي يمتلكه الأشقاء اللبنانيون في التسويق والتغلب على الظروف, ناقلاً عن سيدة أمريكية قولها له عندما عاش في لبنان مدة من الزمن (كونك لبنانياً هذا ليس من قبيل الجنسية, لكنَّها مهنة عظيمة تعلّمك القدرة على الحياة), ليس عيباً أن نستفيد من ثقافة وتجارب المُجتمعات الأخرى وننفتح عليها لنكسَّب أفضل ما لديهم, لنطوِّره ونطوِّعه بما يتفق مع احتياجنا وعادتنا وثقافتنا نحن, لقد امتلك اللبنانيون أساليب تسويق ذكية ومُشوِّقة, عنوانها الأناقة واللباقة وسحر الكلام والابتسامة, فمُجرَّد دخول الزبون على مطعم أو محل فيه (موظف لبناني) أو حتى يبيع مُنتجاً لبنانياً, هذا يعني إتمام الصفقة بشكل كبير, كل جنسية تعمل في السوق السعودي هي كذلك, لديها ميزة وتفرّد عن غيرها, لذا أرجو أن لا يكون (الراحلون) من سوق العمل من بعض الإخوة الوافدين بعد (توطين) الكثير من المهن, أخفوا تلك (الأسرار السحرية) عن بعض السعوديين الذين شغلوا هذه الوظائف فيما بعد - دون أن يكتسبوا مهارات وتفاصيل المُنافسة - وهذه مسؤولية الشركات والتدريب والتأهيل بكل تأكيد عندما بحثت عن التوطين الشكلي فقط.
ارتفاع وتيرة التسوّق هذه الأيام التي تسبق رمضان والعيد, وازدياد عدد الزائرين للمولات, وضغط المُتسوِّقين بشكل كبير حتى من غير (الجادين في الشراء) ممَّن يريدون معرفة البضائع والأسعار, ومن ثم تحديد أفضل خيارات الشراء, كشف نوعاً من (القصور) الملحوظ على وجوه بعض العاملين في اختبارهم الأول, فقد عزَّت الابتسامة والترحيب - المُعتاد - كنوع من الفُتُور غير المُبرَّر في التعامل, أخشى أنَّه يعكس حالة عامة في قطاعات أخرى يجب أن ننتبه له جميعاً, هنا أتحدث بصراحة وشفافية - أرجو أن لا تُغضب أحداً - فأنّا من أشد المُطالبين بتوطين الوظائف, وكلِّي أمل وثقة في نجاح (شباب وبنات) وطني, لإيماني وثقتي بقدراتهم الكبيرة والعالية في خدمة أنفسهم وبلدهم, ولكنَّ الابتسامة وفنون التعامل والتسويق أمر مُختلف يحتاج لتدريب ومهارة, لا يأتي بالجنسية كما هو حال (اللبنَّنة الساحرة)!
وعلى دروب الخير نلتقي.