نوف بنت عبدالله الحسين
تمشي بخطى خفيفة سلسة حين تعبر بوابة القلب بابتسامة هادئة... تتواضع كثيراً لدرجة ملفتة... ليتها تعلم حجم إمكانياتها... سبقت الزمان والمكان... حين تحدثت عن مشروع تم دون أي صدى... تباً للظروف أحياناً حين تأخر أحلامنا... وقد تتأجل إلى حين موعد نجهل قدومه... لكنه الأمل الجميل الذي يصاحبنا، والإيمان العميق الراسخ بأننا سنحقق أحلامنا حتى ولو بعد حين...
ولأول مرة... سمحت لي أن أمسك بين يدي هذه الأمانة... تصفّحت العرق والتعب بين طيّاتها... بحث صيغ بالحب العميق... وكتب بخط من ذهب... نعم بخط اليد... مليء بالروح والحياة... ناطق بالجمال من خلف كواليس المسرح... كيف لا وهو بحث أنيق في دهاليز مسرح سعد الله ونّوس... وفلسفته العميقة ما بين الجمهور والمسرح باعتبار ردات فعل الجمهور هي الأساس في تفعيل مسارحه ونقل همومهم عبر خشبة المسرح ومناقشة قضاياهم هم دون الآخرين...
مسكت الكتاب (البحث) بكل أناة... أراقب صياغة الحرف وجماليات الخط وتقسيم الصفحات... كل شيء فيه يشير إلى الأصالة والجودة... قرأت ما بين السطور تلك الآمال... ووجدت تحت ظلاله سواد السهر وبهجة الترقّب نحو الانطلاق إلى أفق أعلى... إنه بحث قدّم ليكون بداية لرحلة علمية في الدراسات العليا... وكما ذكرت مسبقاً هو حلم مؤجل وأمل معلق وإيمان راسخ للوصول بإذن الله...
وإني أحمد الله أن ساق لي القدر الجميل في أن ألتقي بها وهي تتوارى خلف حجاب التواضع الجم... لا تتحدث عما فعلت ولا تنطق بما قدّمت... بل تكاد تتحدث على استحياء وتواضع على هامش الأمور... وكأنه أمر بسيط جداً ، رغم عظمته... طلبت منها أن تعيرني إياه لأقرأه وأتعلم منها.. وافقت بكل هدوء.. هي من السيدات النادر وجودهن بيننا... لكن إن التقيت بها أو بمثيلاتها فاعلم أنها من الحظوظ الجميلة التي تأتي في الحياة كأحلى مصادفة...
ولا أخفيكم حين قرأت إهداء البحث وأنا أقف بجانبها... اقشعر جلدي وأخفيت عبرتي... لا أدري لماذا انتابني شعور التقدير حين قرأت إهداءً عادلاً شاملاً... شممت من خلال الحروف رائحة الزيتون وأوراق المشمش... وسمعت ضحكات الطفولة وحنين الذكرى...ولمست الصدق في كل حرف...
إليكم يا سادة... بدور غضة... وقبس من الفكر... ومسرح سعد الله ونوّس