عماد المديفر
لم يكن وسم #السعودية_أولاً مجرد وسمٍ عابر؛ بل شَكَّلَ اتجاهاً وتياراً وطنياً سعودياً عارماً، و مَثَّل مزاجاً شعبياً عاماً، كاسحاً، شديد البروز.. ووعياً جماهيرياً، ظاهراً في نضجه، عميقاً في دلالته، وصارخاً في إشارته... إنه نصرٌ للوطنيين المؤمنين، وهزيمة ساحقة للحزبيين المنافقين، ونذير شؤم وحزنٍ على الأممين الخائنين، وليمحق به الله -تعالى وتقدس- لُب فكر تنظيم الإخوان المسلمين، ويقضي به عليه من أساسه.. قاطعاً دابره من جذوره.. فلا شيء أخطر على هذا الفكر الارهابي المريض من نماء الشعور الوطني وصعوده كما هو اليوم.
ولتأتي هذه المقالة استكمالاً لسابقتها الأسبوع الماضي، ولنتابع معاً شيئاً من المعاني العميقة التي حملتها عبارة الشعب السعودي العظيم: «السعوديةً أولاً».. والتي جعلناها شعاراً لنا، اعتباراً من اليوم فصاعداً.
فحين نردد معاً، وبصوت واحد، وحماسةٍ وطنية سعودية أصيلة: «السعودية أولاً»؛ فهذا يعني أننا سئمنا من غدر الغادرين، وجحود الجاحدين، وشر من أحسنَّا إليهم.. سنين عديدة، وأزمنة مديدة، وأزمات متعددة مروا بها، فكنّا لهم نعم السند والعضد والمعين، بل قدمنا مصالحهم على مصالحنا.. وقضاياهم على قضايانا.. وقدمنا لهم التضحيات النفيسة في كل شيء.. فكان جزاء الإحسان؛ الجحود. وجزاء العطاء؛ النكران والحقد والحسد.. بل أكثر من ذلك..
لم ننس ما ردده بعض الخونة من عربان الشمال والإخونج إبان حرب الخليج الثانية: «بالكيماوي يا صدام.. من الخفجي للدمام».. وقد تعرفت فيما بعد على أحد الضباط العراقيين المحبين للمملكة والذي كان على رأس العمل إبان فترة الاحتلال العراقي للكويت، والذي قال لي نصاً: «لم نستغرب من هؤلاء الأنذال ترديدهم تلك العبارات.. فرغم أننا كنّا في حرب معكم بسبب الكويت.. بيد أن أخلاقنا العربية الأصيلة تأبى علينا استهدافكم بالكيماوي.. وأنتم أنتم.. أصلنا وعزوتنا وتاج راسنا..! حينها فقط تأكدنا من غدر القوم.. وخستهم.. وقد خبرناهم مُذ حربنا ضد إيران.. فرأيناهم يطعنونا من وراء ظهورنا.. ويستهدفوننا في أهلينا ولقمة عيشهم.. وفي عقر دارنا..! وقد استأمناهم.. فما رأينا منهم إلا الغدر والخيانة.. وكنا قد أكرمناهم نصرةً لفلسطين.. وللقضية (العربية) المزعومة» بحسبه.
هذا مثال واحد فقط على غدر من أحسنّا إليهم.. وغيره كثير.. ومن ذلك مساندتهم ونصرتهم لعدونا الحقيقي، والتاريخي: نظام الملالي في طهران.. واعتباره من قبل التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.. ومنظمتي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» بأنه وحده «الممثل لدولة الإسلام الحقيقية في هذا الزمان».. كما ذكر زعيمهم القرضاوي، وقبله اللبناني الإخواني حليف حزب الله المدعو «فتحي يكن».. وقبلهم وبعدهم رموز وقيادات من حماس وغيرها من تنظيمات الإسلام السياسي..
وضمن هذا السياق؛ نستحضر -ويا للمفارقة- تغطية التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ونقيضهم المزعوم ظاهرياً من «القومجيين واليساريين والناصريين» من عرب الشمال، تغطيتهم على جرائم عمائم الشر والإرهاب الإيراني في حق أبناء الشعب العربي السوري، بل وتعاونهم مع نظام الملالي الرجعي الظلامي بالسر.. وتوقيعهم معه الاتفاقيات والمعاهدات.. وما تصرفات النظام التركي الأردوغاني تجاه القضية السورية عنا ببعيد.. والذي يقابلنا ويقابل الشعب العربي السوري المسكين بوجه، ثم هو يقابل نظام الملالي بوجه مختلف، بل ويساعده في التهرب من العقوبات الدولية، ذلك عدا عما كشفته تقارير صحفية استقصائية من حديث حول تورط حكومة أردوغان بما أسمته تلك التقارير بـ»خيانة» الشعب السوري، ودعمٍ لوجستي لتنظيمات إرهابية ذات صلة مباشرة بتنظيم الإخوان المسلمين، أسهم في تأسيسها أصلاً الحرس الثوري الإيراني بالتعاون مع مخابرات المجرم بشار الأسد، وذلك لاختراق الثورة الشعبية السورية، وخلق الذريعة لوأدها، والمساهمة الفاعلة في إنفاذ مخطط التغيير والتهجير والتشويه الديمغرافي داخل الخارطة السورية.. وليتم تهجير الشعب السوري من أراضيه في دمشق وريفها، وحمص وريفها، وحلب وريفها، ومناطق وجود الأكراد السوريين.. خدمة لمخطط الملالي.. وليثبت فعلاً أن الاخوان المسلمين شر من وطئت أقدامه الأرض.. فهم خونة الدين والعرض والوطن.. وقد قيل في الأثر: اتق شر من أحسنت إليه.
اليوم؛ يعلن السعوديون، وبالأخص الجيل الجديد من الشباب السعودي، ومن خلال هذا الوسم الذي وصل إلى أعلى قائمة الوسوم الأكثر تداولاً محلياً وعالمياً عبر موقع شبكة التواصل الاجتماعي الأشهر: «تويتر»، يعلنون أن: «السعودية أولاً».. وهم يعلمون موقنين.. بأنهم هم «مادة الإسلام وأساسه».. ولب «العروبة» وجذرها.. بدونهم وبدون تقدمهم وتحقيق عزهم؛ لا صلاح للمسلمين، ولا فلاح للعرب.. فالسعوديون هم العظماء أحفاد العظماء.. ومن صنعوا البطولات التاريخية منذ ما قبل الاسلام، وإلى اليوم، وإلى الغد.. ولم يكن ليختص الله سبحانه وتعالى أهل المملكة العربية السعودية.. أهل هذا البلد «الأمين» بنيل شرف حمل أعظم الرسالات السماوية في تاريخ البشرية، وخدمة بيته ودينه.. إلا لعلمه سبحانه وتعالى أين يجعل رسالته.. إكرامًا لهذا الشعب العظيم.. إكرامًا لنبله.. وصدقه.. وإخلاصه. هذا النبل.. وهذا الصدق.. وهذا الإخلاص الذي وفقنا الله إليه منذ بداية التاريخ البشري، وإلى أن تقوم الساعة.. مِنّة وفضلاً من عند الله.. وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. فلله وحده سبحانه وتعالى الفضل والحمد والشكر على ما أكرمنا به.. ووفقنا إليه.. فمن يهده الله فما له من مُضل.. ومن يكرمه الله ويعزه، فما له من مُذل.. يقول عز من قائل حكيم ..في محكم الآيات والتنزيل: {اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ}.. أجل؛ لقد اصطفى الرب جل وعلا أهل {هَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}.. من عرب أُصلاء أقحاح.. ليكونوا هم الصفوة.. والقادة.. ومن يحملون الرسالة.. والريادة.. حتى قيام الساعة.. فمتى ما كانت في غيرهم؛ كان الضياع والتخلف، وهو ما يكشفه لنا التاريخ بجلاء.
السعوديون.. أباً عن جد.. وكابراً عن كابر.. خير الأمم بنص كتاب الله.. بلادهم قدس الأقداس.. وعرقهم أصل العرب.. وفيهم ومنهم وبهم تاريخ العرب سُطّرَ ويُسطَّر. بلادهم قبلة المسلمين.. وموئل الأفئدة.. إليهم الناس يتطلعون، ولبلادهم وأرضهم وأرض أجدادهم يحجون.. منذ ما قبل الإسلام.. وحتى جاء الإسلام لـ»يتمم المكارم»..
اليوم؛ يعلن السعوديون، شبابهم قبل شيبهم، وبكل وعي: كفرهم بأي قضية خلا الوطن.. وأي مصلحة عدا مصالحهم، ومصالح وطنهم، وبناءه ونماءه وتطوره.. ومصالح الأجيال السعودية القادمة.. ولنلحق بركب الأمم المتقدمة.. ولتتشكل بذلك «الصحوة» الجد.. نحو النجاح والتقدم والسؤدد، على يد المجدد المسدد، سمو سيدي المهاب المعان؛ ولي العهد محمد بن سلمان.. الإمام بن الإمام بن الإمام. إلى اللقاء.