نادية السالمي
طار بالعصفور القفص ورغم هذا ظل العصفور في الفضاء سجينًا.. فلا العصفور حلّق في الفضاء بحرية، ولا تحليق القفص كان الوسيلة المناسبة للغاية المرجوة.
من كل بحر قطرة:
في الجمع بين قول الحائزين على جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام الفيلسوف الفرنسي «روجيه جارودي» و»علي عزت بيجوفيتش» المحامي والفيلسوف والسياسي، خير للثقافة والحريصين عليها.
فأجمل تعريف للثقافة والحضارة ممكن أن تتلقاه بإعجاب قول علي عزت: «الثقافة إنها الخلق المستمر للذات، والحضارة هي التغيير المستمر للعالم» إما روجيه جارودي فيقول عن الإدراك المعنية به الثقافة: «إن كل تعليم وكل فن وكل سياسة لا تساعد على الإدراك والوعي بما هو إنساني سيفضي بنا إلى انتحار جماعي».
سياسة الباب المفتوح:
الثقافة الشاملة المفتوحة على العالم والفنون والرياضة فكرة سامية لأي وزارة وهيئة ثقافية، وتشكر وزارة الثقافة والإعلام وهيئتها على مفهومها الواسع الواعي للثقافة، ونحن أهل هذا البلد مازلنا نستحق الكثير والمزيد من الاهتمام من الهيئة والوزارة. سياسة الباب المفتوح ممتدة منذ سنين طويلة، وهي عُرف متعارف عليه عند ملوك بلادنا وهي سياسة يجب أن يفعّلها كل مسؤول يريد أن يسمع ويرى مستوى الخدمة المقدمة للمواطن، وحتى ينهض بمهامه التطويرية مجلس إدارة الهيئة العامة للثقافة لابد أن يختلط أعضاؤه بشكل مباشر مع المعنيين بالثقافة، الاختلاط غير المباشر والوقوف بعيدًا لن يأتي بالغاية، ولن يبني الطموح المراد تفعيله والتفاعل معه. طلب المقترحات وتعبئة الاستبيانات، وتنظيم ورش سينمائية ومسرحية لا تكفي ولا تفي بالغرض، طالما بقي أعضاء الهيئة بعيدًا عن الواقع، إذ من الواجب الالتقاء بأباطرة هذه الفنون في العالم وجمعهم مع روادها في الوطن وعقد حلقة نقاشية خاصة، ثم مناقشة أطروحات رواد هذه الفنون من داخل الوطن مع هيئة الثقافة وأعضاء مجلس إدارتها بشكل مباشر بعيدًا عن الاستبيانات، فلديهم مايفيد خصوصًا أنهم أصحاب خبرة في التعاطي مع جمهور الداخل. مثلًا المسرح بحاجة ماسة إلى الأخذ برأي رواده وفينا كوادر لا يستهان بها على سبيل المثال «فهد ردة الحارثي» والمخرج «أحمد الأحمري» و»محمد العثيم» و»عبدالعزيز السماعيل» وغيرهم، فالعمل المتواصل في المسرح وحضور الفعاليات العربية والاحتكاك بالمسرحيين يخولهم لطرح رؤى ناضجة ملمة بحاجة المسرح ومتطلباته، وبرغبات الجمهور المسرحي السعودي، ومايحول بينه وبين التفاعل مع المسرح.
اللقاء أؤكد على (المباشر) أيضا مع رؤساء الأندية والمثقفين لفهم حاجة الجمهور النخبوي وماهي احتياجاته ليقوم بدوره، وفهم إشكاليات النمو الثقافي والمعرفي والأدبي عند الشباب الذي لا يرى للأندية أهمية!.
أما الوقوف بعيدًا، والتفاعل كمراقب لنشاط الأندية وجهودها المبذولة وتقييمها فهذا لن يجدي في تفعيل الحراك الثقافي بالقدر المرجو.
بناء الوعي بالثقافة:
«هيئة الثقافة تقيم 100 فعالية فنية وثقافية في كافة مناطق المملكة بمشاركة أكثر من 85 فنانًا سعوديًا وعربيًا وعالميًا وعدد من كبار الشعراء في الوطن العربي»
هذا الخبر بهذا العدد يعني أن الهيئة الثقافية لم تخرج عن المفهوم التقليدي للثقافة، وإلّا أين هذا العدد من تنمية الذات وبناء الوعي الفكري.. نعم الشعر ثقافة والموسيقى ثقافة والتواصل بيننا وبين هذه الفنون وأهلها وعي وسعة اطلاع، وإلمام يجب أن لا نحجبه، وتسلية يجب أن لا نتغاضى عنها، لكننا بجانب هذا بحاجة ماسة لبناء الإنسان المثقف فكريًا، بحاجة إلى بث الثقة فيه، وتعليمه ما له وما عليه، بحاجة إلى إعادة مفهوم الوطن وتقدير الحقوق واحترام الآخر المختلف عنا، بحاجة إلى إعادة صياغة العمل التطوعي المعرفي، أيضا الاهتمام بالفلسفة، وصناعة السينما، وتنمية المسارح، كل هذا عليه أن يتم من خلال المعارض الفنية والندوات والمسابقات بطريقة تقليدية، وغير تقليدية.
بالخط العريض:
هيئة الثقافة الآن تؤسس لمفهوم ثقافي من المفترض فيه التنوع لكافة أطياف المجتمع ليتمكن الجميع من حرية الاختيار وفق مايتناسب مع قناعاته فمن لا يرغب بسماع الموسيقى أو لا يحب الشعر لديه خيار ثقافي آخر.
أعضاء مجلس إدارة هيئة الثقافة إن لم تتضافر جهودهم بالاتصال المباشر مع كافة الكوادر الوطنية ذوي الخبرة والإلمام فلن يثمر العمل الثقافي لا بالوعي ولا بأثر ملموس.
الاهتمام بجيل سبق له العمل الثقافي بكل تفان ولم يحظَ بتقدير، أو هو بحاجة ماسة إلى مساعدة مادية أو معنوية.
على الهيئة أن تدقق في الأسماء المختارة لإقامة فعاليتها، كما أن عليها إرسال بعثات خارجية وداخلية لدراسة المسرح والسينما وكتابة السيناريو في كلٍ منهما وعناية بدراسة التمثيل.