تتحيّر بم تصف به بعض أهل الفضل؟ فمن أي النواحي أتيته تجد فضلاً وخلقًا كريمًا..
تجد منه حسن الخلق.. وبسط الوجه.. وسعة الصدر.. وطيب المعشر.. وسماحة النفس.. وعلو الهمّة.. وغزارة العلم.. وحكمة الرأي.. وحسن البيان.. وبديع المعاني.. وبذل الخير والمعروف للخلق.
أقول هذا وبين عيني شيخي الجليل العلامة أ.د. محمد بن علي الصامل.
ومن صحب الشيخ وعرفه أدرك منه ذلك كله.
عرفته حينما كنت طالبًا في كلية اللغة العربية منذ ثلاثين عامًا؛ درّسنا في المرحلة الجامعية فكان نعم المعلم..
وفي الدراسات العليا فكان نعم العالم.. وصحبته في القسم فكان نعم الصاحب..
وعملت معه في إدارة الكلية وبعض الأعمال فكان نعم القائد والمدير.. عملت معه رئيسًا ومرؤوسًا فكان نعم الرئيس والمرؤوس.. وفي كل هذه الأحوال كان مربيًّا ناصحًا مشفقًا على طلابه وأصحابه ورؤسائه ومرؤوسيه..
يتفاعل معهم في السراء والضراء؛ يفرح لفرحهم، ويحزن لحزنهم، بل تراه كثيرًا في أحوال الفرح والحزن عند طلابه وأصحابه أشد ممن وقع عليه.
أمضى حياته في خدمة العلم وأهله، وفي خدمة قسمه (قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي) وكليته (كلية اللغة العربية) وجامعته (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)، وفي خدمة وطنه (المملكة العربية السعودية).
لا يتوانى لحظة يُدعى فيها إلى بذل خير يجد فيه رفعة قسمه أو كليته أو جامعته أو وطنه، حتى لو كان الذي يدعوه إلى ذلك أحد طلابه. لا ينتظر جزاء ولا مكافأة.. وتتصاغر المكافآت عند عظيم ما يبذله..
كان يبذل بسخاء نفس وحسن قصد، مع جميل التواضع وإحسان العمل ودقة الإنجاز.
يكدّ القلم بحثًا عما يفي بحقه فلا يجد إلا رموزًا في فضاء الشيخ، تشير ولا تكاد تبين.
«لَو كنتُ حسَّانَ البلاغةِ لـمْ أكنْ بعضَ الثَّناءِ عليه بالـمُستوعِبِ»
ويكفي أن أقول: إنه أمّة.. ويحمل همّ الأمّة؛ فطوبى له..
وجزاه الله جل جلاله عنا وعن أمته وعن العلم وأهله خير الجزاء، وبلغه من الخير ما يحب وخيرًا مما يحب.
** **
- أ. د. يوسف العليوي