سعد بن عبدالقادر القويعي
مع تزايد وتيرة التحريض على العنف، وارتكاب الفظائع تحت مبررات -دينية وعرقية-، تأتي الدراسة التي أجرتها إدارة الدراسات، والبحوث في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، بعنوان: «التعايش في المجتمع السعودي» في إطار تعزيز الوحدة الوطنية، وحماية النسيج المجتمعي، وذلك من خلال ترسيخ قيم التنوع، والتعايش عبر العمل على تعزيز النقاط المشتركة بين مكونات المجتمع، والتأكيد على إيجابية التنوع، والتعددية، -إضافة- إلى تعميق مبدأ التسامح، ونشر ثقافة العيش المشترك التي تسهم في دفع مسيرة التنمية؛ ولتبرهن عمليًا عن استعداد السعوديين للتعايش في ظل التنوع المذهبي، -وكذلك- قدرتهم على الانسجام في التعاملات -الاقتصادية والاجتماعية-.
لا تقوم المصالح، وحياة الناس من دون الحفاظ على الحقوق الضرورية، وما تقتضيه مصالح جميع الأطراف في أمور الحياة، والمعاش، والمواطنة المشتركة، وضبطه بالكليات الشرعية العامة، وهو ما يدخل تحت مفهوم الضروريات الخمس -كالدين والنفس والعقل والمال والنسل-؛ إذ لهم من الحقوق كمثل ما عليهم من الواجبات، فـ»الغرم بالغنم» كما هي قاعدة الشريعة، مع بقاء الاختلاف -الفكري والعقدي-، الذي هو سنة أخرى من سنن الحياة، وحقائقها؛ وحتى يكون التعايش هو الطبيعة المعبرة عن الاستقرار، والسلم، وبعيدا -في المقابل- عن العنف -الرمزي والمادي-، وما يترتب عليه من عنف مضاد، وكراهية، وذلك على المستوى الوطني.
من جانب آخر، فإن وجود مساحة مشتركة في ظل التنوع المذهبي، كفيل بتفعيل مبدأ التعايش؛ لأنه سيربط شؤون معاش الناس بالمشتركات، والقيم العامة، وذلك في إطار الحقوق، والواجبات التي نص عليها الشارع؛ من أجل العمل على تحويله إلى قوة دفع؛ لتعزيز التماسك المجتمعي، وتحقيق السلام بين شعوب العالم؛ ولتأتي العلاقة -في هذا الشأن- لتصنع تكاملا لا تنافرا، وذلك عن طريق إدارة الخلافات بشكل حضاري لا نمطي؛ كي نؤسس، ونؤطر لوحدة -شاملة وقوية-.
بقي القول: إن أهم التوصيات التي خلصت إليها الدراسة، كانت ترتكز على ضرورة توعية المجتمع، وتثقيفه بأهمية التعايش، وذلك من خلال تكاتف، وتضافر جميع مؤسسات المجتمع، التي يقع على عاتقها دورٌ مهمٌ في تعزيز التعايش، فالتعايش لا يمكن أن يتحقق بعيدا عن منظومة مؤسساتية متكاملة قادرة على إدارته إيجاباً، -إضافة- إلى أهمية تضمين مناهج التعليم مفاهيم تؤسس للتنوع -الفكري والاجتماعي-، بما يضمن تكوين جيل متعايش، ومتسامح، -ومثله- التشديد على ضرورة اضطلاع الإعلام بدوره في تحقيق، وتعزيز تعايش أفراد المجتمع بعضهم مع بعض، وذلك من خلال ما يُقدَّم عبر القنوات الإعلامية المختلفة.