د. عبدالرحمن الشلاش
لو جاز لي تغيير اسم وزارة التعليم إلى اسم آخر لبادرت فورا إلى تسميتها «وزارة المعلم».
أما لماذا؟ فلأن المعلمين والمعلمات بأعدادهم الهائلة هم المحرك الضخم للعملية التعليمية برمتها. بدونهم ستتعطل عجلة التعليم عن السير وسيسود الارتباك.
المعلمون والمعلمات يشكلون الأكثرية المطلقة على مستوى وظائف الدولة المدنية, وبواسطتهم يتم تنفيذ سياسة التعليم في المملكة من تدريس وأنشطة وبرامج وإرشاد وتوجيه, ولأني قضيت شطرا من حياتي العملية في التعليم العام وحاليا في التعليم الجامعي فإني أدرك حجم المعاناة التي يعيشها من يعمل في سلك التعليم بدءا من الحضور في ساعات الصباح الباكر وقضاء تلك الساعات بين جدران المدرسة والفصول لتعليم الصغار ومن هم في سن الشباب, ومنهم من يدرس في مناطق نائية عن مساكنهم وأهلهم. تحمل مهمة التربية والتعليم عن الأسرة في جزء غير قليل من العام عملية ليست سهلة ولا ميسورة بل تحتاج الصبر والمثابرة والقدرة على التحمل.
أتابع ما يطرح اجتماعيا عن المعلمين والمعلمات منذ زمن طويل سواء كان هذا الطرح إيجابيا أو سلبيا, وإن كان في بعض ما يطرح كثير من القسوة والتجني من بعض فئات لا تعلم شيئا عن معاناة المعلم, بل إن هناك من يرى أن المعلمين والمعلمات يعيشون في نعيم حيث الرواتب العالية والإجازات لكنهم لا يدققون في المشهد جيدا ليظهروا لنا جوانب المعاناة التي تختلف باختلاف الإدارة التعليمية والإدارة المدرسية و نوعية الإشراف التربوي والبيئة المدرسية, والبيئة المحيطة بالمدرسة ونوعية أولياء الأمور ومدى تعاونهم مع المدرسة وخلفياتهم الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الأمور التي قد تضع المعلمين أو المعلمات أمام تحديات صعبة بل وربما مستحيلة!
لا أنفي أن هناك نوعيات تسيء للتعليم في تعاملاتها وسلوكياتها وقلة الانضباط وعدم الإخلاص وبذل الجهد غير من يسعون من خلال مهنة التعليم لخدمة مصالحهم الخاصة. لكن أيضا هناك نماذج مميزة في الإخلاص والتضحية والمهنية العالية انطلاقا من حب مهنة التعليم, لذلك يظل المعلمون بحاجة دائمة لمن يقف بجانبهم ويدعمهم ويشجعهم و يدافع عنهم, وإلا استمر التطاول على المهنة وأهلها. أمر آخر فلا يسوغ التندر بالمعلمين والتقليل من شأنهم من قبل وزارتهم, أو لمزهم بأن إجازاتهم طويلة, أو أن إنتاجهم ضعيف ولا يوازي ما يحصلون عليه من رواتب في تصريحات قد تستفز هذه الشريحة العريضة وتقلل من قيمتها.