«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
كنا مجموعة من الأصدقاء والزملاء نجلس في أحد المسطحات الخضراء بجوار شاطئ العقير، وكان الكثير من الأسر والعائلات مع أطفالهم ليسوا بعيدين عنا عندما لاحظنا أن أحد الأطفال كان أكثر حركة، بل شقاوة من غيره وبصورة لافتة.
وأثارت حركته وشقاوته وحتى عبثه بشجيرات المسطح اهتمامنا وراح بعضنا يتحدث عن ظاهرة شقاوة الأطفال المثيرة للاستغراب. فهذا يعزو الظاهرة لتقصير بعض أولياء الأمور في عدم الاهتمام المبكر بالعناية والاهتمام بأطفالهم وحسن توجيههم وأن تركهم يأخذون راحتهم فيما يقومون به من تصرفات ممجوجة وغير مقبولة، وعندما يكبرون تتضاعف لديهم هذه الظاهرة فتجدهم يمارسونها بصورة سيئة حيث يقومون بتشويه المرافق أو المباني أو حتى تكسير بعض محتويات مشاريع الخدمات كما يشاهد في «الحمامات العامة» أو مقاعد صالات الانتظار أو حتى الكتابة القبيحة داخل دورات المياه. وآخر قال: إن الأطفال وفي مختلف الأعمار لهم الحق في ممارسة ألعابهم التي تكسبهم مزيداً من المهارة والقوة والثقة وحتى الفهم وإدراك ما يحيطهم من أشياء قد يشاهدونها أول مرة. وكانت وجهة نظره صحيحة فجميعنا ونحن أطفال كنا نعبث ونقفز ونجري. وحتى نتسلق أشجار النخيل ونهز أشجار «الكنار» ليتساقط علينا كناراً ناضجاً. وإذا لم يسقط كنا نرمي على الأغصان الأحجار. وكنا نتشاجر وحتى نتعارك لأسباب تافهة لكننا بعض لحظات كنا نعود لنلعب سوياً. لكننا والحق يقال: لم نكن نعبث بما حولنا من أشياء داخل بيوتنا أو حتى عندما نكون خارج بيوتنا. وكنا رغم صغر أعمارنا لدينا وعي بأهمية المحافظة على ما نملك أو ما يملكه الوطن والمجتمع.. كنا أطفالاً صالحين.. ماذا حدث لهذا الجيل..؟ وبما أن «هذه» الإطلالة مثل الحديث ذا شجون. فلقد تذكرت ما كنت قد قرأته مؤخراً في الخبر المنشور والمتميز الذي وزعته أمانة المنطقة الشرقية الذي حمل عنواننا (مليون ريال خسائر العبث بالممتلكات العامة سنوياً) هذا في الشرقية فقط لا يشمل الأحساء أو المناطق والمحافظات الأخرى. فكم يا ترى يصل عدد الملايين التي تخسرها الأمانات والبلديات على الصيانة والتجديد في مرافقها ومشاريعها الخدمية نتيجة للعبث الجائر. لا شك أن المبلغ سوف يكون كبيراً.. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا يتجه البعض للعبث وحتى التخريب والتشويه. لماذا يتلذذ البعض من أبناء الوطن وحتى من يقيمون بيننا للاتجاه لهذا السلوك المشين والقبيح بتصرفات طفولية وصيانية. هل هي نتيجة طبيعية لشقاوة طفولية مازالت مستمرة معهم حتى وهم في هذا العمر؟ لماذا لا يكون هناك وباستمرار تعليمات وإرشادات توضع أو تكتب في لوحات تنصب هنا أو هناك. المفروض أن تسجل كاميرات المراقبة خاصة فالأماكن التي تكثر فيها هذه الظاهرة «حادثة العبث» ومن ثم يجلب الشخص العابث لمعاقبته وتحمل إصلاح ما قام بالعبث فيه. وحتى التشهير به كما تفعل وزارة التجارة مع من يغش الوطن.. فعندما نفعل ذلك. سوف يخاف من تسول له نفسه أن يقوم بمثل هذا التصرف. وأخيراً كثير من دول العالم بدأت قبل سنوات في فرض غرامات مالية كبيرة على من يرمي المخلفات أو أعقاب السجائر أو علب المشروبات أو من يعبث بالمرافق. ومع تطبيق هذه الغرامات كما في سنغافورة وهونج كونج وسوبسرا والامارات تراجعت هذه الظاهرة لديهم.