فضل بن سعد البوعينين
يشكِّل الشباب دون ال30 عاماً النسبة الأكبر من سكان المملكة؛ ما يجعلهم قاعدة التغيير والتحول الاقتصادي والمجتمعي. تشكل قدرات الشباب الاستثنائية وطموحهم الدائم للتغير الإيجابي القوة الناعمة لإنجاح الرؤى الاستراتيجية التقدمية، والبيئة الحاضنة لبرامج الإصلاحات النوعية، ومنها الإصلاحات الاقتصادية، السياسية، الهيكلية والمجتمعية المؤطرة برؤية المملكة 2030. ليس مفاجئًا أن يكون الشباب (من الجنسين) أكثر المتفائلين بأهداف رؤية 2030 والمنخرطين في برامجها غير التقليدية. قد يربط البعض ذلك الانقياد بالبرامج المجتمعية، غير أنني أجزم بأن علاقة الشباب الوثيقة قد توزعت بتوازن منضبط على جميع نواحي الرؤية وبرامجها الإصلاحية.
الإيمان بالرؤى والمشروعات الاستراتيجية الضخمة يحتاج دائمًا إلى الفهم العميق لمكوناتها، وبناء جسور المعرفة بتفاصيلها الدقيقة، بما يعزز الثقة بأهدافها وبالقائمين عليها. لم يكن الأمر في حاجة إلى الكثير من التواصل المعرفي بمضمون الرؤية وأهدافها لشريحة المختصين، بخلاف قطاع الشباب المتعطش للمعرفة، وتفاصيل رؤية 2030، وبرامجها والمكاسب المتوقعة منها.
مركز الملك سلمان للشباب من المؤسسات التي أخذت على عاتقها مسؤولية المشاركة في إيصال برامج «الرؤية» والتحولات المستقبلية لشريحة الشباب، من خلال برامج نوعية مدعومة من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس أمناء المركز، والداعم الأول للشباب.
شكَّل «ملتقى الشباب والفرص في رؤية 2030» أحد البرامج النوعية الموجهة للشباب، التي شارك فيها أصحاب المعالي الوزراء والمسؤولون والمختصون في القطاعات المختلفة بحوارات شفافة وصادقة عن الرؤية. تبسيط مفهوم «رؤية المملكة 2030» كان الهدف الرئيس المعزز للمعرفة، الذي أحيط بأهداف أخرى، منها التعرف على الفرص المتاحة للشباب، وكيفية مشاركتهم في توليدها واستثمارها وإنتاجها، وتعزيز ثقتهم بها.
الحديث عن أهداف رؤية 2030 يجعل الشباب أكثر ارتباطًا بها؛ فهم المعنيون بمخرجاتها، والحاملون لأعبائها، والمتأثرون بها مستقبلاً؛ ومن الطبيعي أن يكونوا محل اهتمام القيادة والمراكز المتخصصة التي أخذت على عاتقها مسؤولية إيصال الرؤية للشباب، وبلغتهم البسيطة.
ما دعاني اليوم للعودة إلى «ملتقى الشباب والفرص في رؤية 2030»، الذي أقيم العام الماضي، هو اطلاعي على توثيق جميل للملتقى بعنوان «رؤية 2030 بلغة الشباب»، يتضمن جميع النقاشات والحوارات والكلمات والأسئلة التي تم تداولها فيه.
جرت العادة أن يختفي كل ما له علاقة بالملتقيات والمؤتمرات المقامة بمجرد انتهائها، وكأنما أوجدت للعرض الإعلامي أو تسجيل الحضور، بل إن كثيرًا من التوصيات المهمة تُحفظ في الأدراج دون أن يستفاد منها، فيُعاد استنساخها في كل ملتقى دون اهتمام بتفعيلها أو الاستفادة منها. وعلى العكس من ذلك نجد أن مخرجات «ملتقى الشباب والفرص في رؤية 2030» تم توثيقها وتعميمها للاستفادة، فضلاً عن رفعها للجهات المعنية بمراجعتها والاستفادة منها.. وهو أمر يستحق الإشادة والتقدير.
شكرًا لجميع القائمين على مركز الملك سلمان للشباب على جهودهم النيرة، وتمكين الشباب، وتعزيز معرفتهم بالرؤية، وعلى توثيقهم الجميل للملتقى، وجهودهم المثمرة في دعم الشباب، وربطهم بالاستراتيجيات الوطنية الكبرى التي يشكِّلون قاعدتها الرئيسة.