أ.د.عثمان بن صالح العامر
هناك مشاريع مفصلية تأتي انبثاقا من رؤية المملكة 2030 التي وضعت أهدافها المستقبلية على ضوء ما تتمتع به المملكة العربية السعودية من مميزات وما تملك من مقدرات ومقومات وما تستشرف من متغيرات وتحولات، تؤهلها كل هذه المكونات الأساسية المهمة للمنافسة العالمية وتعود عليها بالنفع الاقتصادي والتأثير الثقافي والإعلامي، وعلى رأس هذه المشاريع الطموحة ذات البعد الاستراتيجي المستقبلي مشروع القدية الذي وضع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حجر أساسه مساء يوم الأحد الماضي، وإنني في هذه المناسبة أثمن لمهندس ومبدع الرؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد الأمين جهوده الحثيثة الرامية إلى تعزيز اقتصادنا الوطني واستثمار مقوماتنا الطبيعية ومواردنا البشرية في صناعة مستقبل سعودي واعد يتوافق وطبيعة المرحلة ويتسق وينسجم مع قيم ومسلمات الجيل.
لقد أشار سمو ولي العهد في ثنايا كلمته خلال زيارته الأخيرة لفرنسا إلى الثقل الثقافي للمملكة العربية السعودية مؤكداً أنها مرشحة وبقوة لأن تلعب دوراً رئيسا في الحركة الثقافية العالمية، والمنتظر أن تكون القدية منبراً ثقافياً عالمياً وحلقة اتصال حضارية بين القارات الثلاث ذات الصِّلة المباشرة ببلادنا المباركة، وهذا يوجب في نظري أن يتوافق مع بناء لبنات هذا المشروع العملاق إعادة قراءة مشروعنا الثقافي والتأمل فيه مرة تلو أخرى حتى يتسنى لنا صياغته صياغة عالمية تؤهله للمنافسة الحقيقية في مضمار الأفكار المؤثرة في شرائح المجتمعات المختلفة، ولعل من أهم مستلزمات هذا المطلب الجوهري وجود مراكز متخصصة في الفكر والثقافة تقرأ وتحلل وتنقد وتقارن إذ إنك لو سألت شريحة عريضة من المثقفين السعوديين فضلا عن غيرهم عن أبرز معالم ومكونات ومكنونات المشروع الثقافي السعودي لوجدت اختلافاً ملحوظاً بين الرموز الثقافية المعروفة فكيف بمن هم تبع؟ كما أن مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني هو الآخر من المفترض أن يكون له دور رئيس في تحقيق هذا المطلب العزيز، وقل كذلك عن الجامعات والأندية الأدبية والثقافية التابعة لوزارة الثقافة والإعلام وكل مؤسسة أو إدارة تابعة للقطاع الحكومي أو الخاص من واجبها الاهتمام بالشأن الثقافي السعودي. ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.