د. عبدالله بن ثاني
من ينعم النظر ويمعن الفكر في تصريحات السفير الروسي السابق في الدوحة فلاديمير تيوروتينكو عن لقائه القديم بالقرضاوي أيام ما يسمى بالربيع العربي في مقابلة تلفزيونية مع قناة روسيا اليوم المنشور مؤخراً يدرك أن أزمة قطر الدولة يختصر الواقع في معادلة ذات أطراف ثلاثة بينهم علاقة مريبة، وهم» القرضاوي صندوق باندورا الشرير، وحمد بن خليفة دراكولا مصاص الدماء، وحمد بن جاسم الغول كما وصفه السفير».. ونتيجتها المنطقية ومحصلتها النهائية هي قطر الدولة الفاشلة والمتورطة بالأزمات الصعبة والخطر الأكبر على السلم العالمي واستقرار منطقة الشرق الأوسط والعدو الأصرح للأمن القومي العربي.
ومن يعرف إستراتيجية تنظيم الإخوان المسلمين في حرصهم الشديد على السيطرة على مفاصل أي نظام واختراقهم له يتم بالتركيز على الشخصيات المهمة والتعليم والشئون الإسلامية والإعلام.
وحينما نسبر أغوار اختراق التنظيم نجد تاثيرهم الواضح على المؤسسات الحكومية في قطر من خلال السيطرة على الطفل حمد وعلى التعليم والشئون الإسلامية والإعلام المتمثل بالفكر الإخواني المسيطر على قناة الجزيرة بتعاون مع الانتهازي العلماني الأكبر عزمي بشارة.
وتفصيلاً لاختراق التنظيم للطفل حمد بن خليفة ومن ثم المؤسسات السالفة، فإنهم استقطبوا الطفل حمد بن خليفة منذ عهد مبكر واعتمدوا على ثلاث ركائز:
الأولى: «القرضاوي» الذي استفاد منذ قدومه لقطر في العام 1961 فاستطاع القرضاوي أن يؤثرعلى فكر الطفل «حمد» فاستقطبه للتنظيم الإخواني حينما كان إماماً بجامع والده الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني أمير قطر الأسبق -رحمه الله-.
الثانية: الإخواني الشهير «عبدالبديع صقر»، الذي حرص القرضاوي من خلال نفوذه في المسجد أن يُلحق الطفل حمد طالباً في مدرسته ويعد الإخواني الشهير عبدالبديع السالف مؤسس التعليم في قطر.
الثالثة: الإخواني الخطير «عبدالمعز عبدالستار» الذي كان أول من أرسله حسن البنّا إلى فلسطين سنة 1946، ثم وفد إلى الدوحة ليتولى إمامة جامع حاكم قطر الأسبق الشيخ أحمد بن علي آل ثاني، -رحمه الله-، وليتولى أيضاً توجيه التربية الدينية في وزارة المعارف أيام الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني.
هذه الشخصيات الإخوانية هي من تولى تربية حمد بن خليفة على مبادئ الفكر الإخواني الوافد مما أدى إلى أن يقترف القرضاوي صندوق باندورا المملوء بالشرور، كما في الأساطير جناية تاريخية في حق العروبة والإسلام بل كان شره المستطير تجاه الشعب القطري العزيز الذي استغل موارده المالية والسياسية والاجتماعية خدمة لنشر أهداف التنظيم وإستراتيجياته الحركية مما أدى في المحصلة النهائية إلى عزله عن نسيجه الخليجي ونزعه من روحه العربية على السواء في صورة أفعوانية تؤكد النكران الجميل لتنظيم الإخوان المسلمين لكل من احتضنهم من الصقيع والثلوج والمشانق والسجون في بلادهم ذات يوم وحينما شعروا بالدفء غرسوا أنيابهم المدمرة ونفثوا سموم فكرهم الحركي المتوحش في تلك المجتمعات التي احتضنتهم وسعوا إلى تفتيتها وتدميرها وإذكاء الأزمات في مؤسساتها وتهييج الشعب عليها وتصدير الكراهية للعالم وتنوعاته وتعطيل مشروع الدولة فيها، ولا أدل على ذلك من التفاصيل التي كان يضمرها للشعب القطري إذ طلب القرضاوي من السفير الروسي إبلاغ موسكو بأن «هذه الأنظمة العربية الدموية إلى زوال، وأن إرادة الشعوب الذليلة والمغلوبة على أمرها هي البديل المقبل»، وتكلم مع السفير الروسي عن «ثورات الربيع العربي»، رابطاً بينها وبين السعي إلى تحقيق الديمقراطية.
وكان السفير أكثر ذكاء فطرح عليه السؤال المنطقي: وهل الدولة التي تعيش فيها ديمقراطية؟.. قال القرضاوي: لا.. ليست ديمقراطية، وسوف يأتي دورها. طلب السفير من القرضاوي إعادة ما قال نحو التأكد منه، ففعل.
هذه كارثة أخلاقية عظمى تؤكد أخلاقيات التنظيمات الحركية التي توحشت حداً لا يمكن إصلاحها ولا ترميمها ولا التفاهم معها في هذا المشهد الناقص تماماً من الأخلاق والرجولة والشرف العربي والقيم الإسلامية وبخاصة حينما لا يدرك النظام القطري مصلحته الشخصية من فساد الدعم اللوجستي لتنظيم إرهابي من جهة ومن جهة أخرى أصبحت أداة لاختراق منظومة الأمن العربي بتبني مشروع العمائم في إيران القائم على دستور يشرعن التدخل السافر في شئون الدول المجاورة تحت ما يسمى بتصدير الثورة، فتأكد خلو معاجم النظام القطري على يد «الحمدين» من جذور كلمات حسن الجوار وأخلاق الأخوة وقيم العروبة وسماحة الإسلام والقدرة على ضبط النفس البشرية وفق المعايير الخالدة التي اتفقت عليها الأمم بمختلف مشاربها، وهذه التصريحات العدائية القرضاوية السالفة ذات النفس المتوحش والهدف التدميري للنسيج العربي التي أنكرها تؤكدها تصريحاته وخطبه من جامع الجمعة الرسمي في الدوحة أيام ما يسمى بالربيع العربي، والمنقولة عبر تلفزيون قطر الرسمي لجميع أنحاء العالم، تعزيزاً لتصريحات عصام العريان وصفوت حجازي ورموز التيار الحركي في الخليج العربي في قطر بكل أسف.
ليست هناك مصلحة في أن يرسم حمد بن خليفة خارطة قطر على شكل دراكولا مصاص الدماء البشرية، وليست في مصلحة قطر أن تتحول من لونها العنابي المميز إلى لون رمادي أشبه بلوحة جيرنيكا التي رسمها بيكاسو بلون الرماد احتجاجاً على تدمير المدينة والعلاقات الإنسانية فيها.
وليست في مصلحة قطر أن تسقط قناتها «الجزيرة» نظريات الإعلام الإنساني الهادف والرسالة القيمية بإعلام متوحش لم يحتفظ بحد أدنى من التوازن ولم يتصف بقدر من الموضوعية، وكل ما يحمله هو النرجسية والموسيقى النشاز التي لا تطرب إلا فاقدي الذوق العام، ويبرز ذلك من خلال ما نقله السفير في ذلك اللقاء أن القرضاوي اتصل أمامه بالديوان الأميري القطري طالباً مضاعفة المبالغ المالية المقدمة إلى المعارضة المصرية المسلحة، بتقديم طلب للحكومة القطرية بدعم المعارضة المصرية مالياً لـ»تزداد الثورة اشتعالا» في مصر، بالإضافة إلى دور التنظيم الإخواني في محاولة تغيير أنظمة الحكم في الدول العربية.
وذكر السفير الروسي أنه اتصل بقناة الجزيرة الإخوانية الإرهابية طالباً المزيد من أخبار الدم وصور قتل الأطفال والجثث، وهذا السياسة الإعلامية غير الهادفة تؤكد كل ما كان في وثائق ويكيليكس التي كانت تنطلق من إستراتيجية ومؤامرة دولية لرسم خرائط جديدة للشرق الأوسط الجديد تحت جناح الفوضى الخلاقة في دوائر الغرب والتي تخلق واقعاً متناقضاً وجناح التوحش الذي تبنى إستراتيجية تنظيم القاعدة الجديدة في فرض التوحش وفرض النكاية والاستقطاب ليتم تفتيت النسيج العربي الذي لن ينسى الملفات المنشورة في تلك القناة في أحداث الحادي عشر من سبتمبر وأيام ما يسمى بالربيع العربي مع ابن لادن والظواهري ورموز التنظيمات السرية.
القرضاوي أبو الحركيين، ومنظرهم الأكبر ويقابله في المهمة الحركية أيضاً الثالوث « حمد بن جاسم بن جبر»، أحد ركني تنظيم الحمدين، ورئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الذي وصفه السفير الروسي في تلك المقابلة بـ «الغول»، كونه أحد مسؤولي تمويل الإرهاب و»الربيع العربي» كما قال السفير، بل إن الكارثة الحقيقية التي لا ينكرها منصف والتي تجاوزت القرضاوي وتلميذه الإخواني حمد بن خليفة هو ارتباط كل ذلك الفكر الحركي الموجود تمثيله في قطر (الإخوان، القاعدة، داعش، النصرة، الحوثيون، حزب نصرالله) بدعم أيضاً من نظام الملالي في إيران المهدد الأكبر للأمن القومي وبتعاون مع انتهازية «المفكر العلماني» عزمي بشارة، الذي أصبح معولاً من معاول هدم العلاقات القطرية العربية.. والله من وراء القصد.