محمد بن علي الشهري
الموهبة عبارة عن منحة ربّانية يهبها الله لمن يشاء، وبذلك يكون الموهوب أو الممنوح عبارة عن وعاء لتلك المنحة، فإن كان الوعاء مُعدّاً من عناصر قيّمة ونقيّة، ارتقى بذاته ومحتواه ليكون شيئاً مذكورا، بعكس لوكان ذلك الوعاء مُعدّا من عناصر رديئة لا تخدمه ولا تخدم محتواه، وبالتالي تصبح الموهبة غير ذات قيمة، بل ربما أضحت عبئاً على صاحبها.. والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة.
مثالنا اليوم بطبيعة الحال هو النجم العربي الفذ (محمد صلاح) الذي طبقت شهرته الآفاق هذه الأيام، وعمّت أخباره أرجاء المعمورة.
محمد صلاح لم يكن اللاعب العربي الأول الذي يحترف اللعب في أوربا، فقد سبقه إلى ذلك الكثير من النجوم العرب الذين نجحوا بنسب متفاوتة كلاعبين فقط، إذ لم تكن لهم بصمات ملموسة في جوانب أخرى لأنهم أساساً قد وضعوا نصب أعينهم مهمة محددة ومن ثم العمل على النجاح فيها، ولا تعنيهم باقي الأمور.. بعكس النجم محمد صلاح تماماً الذي يتضح أنه يتمتع بأكثر من موهبة (ما شاء الله لا قوة إلاّ بالله).
ففي غمرة النجاحات الكبيرة التي حققها على البساط الأخضر، لم ينسلخ، أو يقلّد، أو يتراخى في الحفاظ على مرتكزاته وقيمه كعربي مسلم (وسطي) وهي السِمة التي تمثل السواد الأعظم من المسلمين والعرب.
ولأن الله قد منحه سعة في العقل، فقد استطاع توظيف نجوميته ونجاحاته الكروية الباهرة لخدمة الجوانب الأخرى المكملة لشخصية مرموقة يشار لها بالبنان، إنسانياً واجتماعياً وسلوكياً، كما نجح بامتياز في توظيف نجاحاته في تلك الجوانب لخدمة نجوميته بعد توفيق الله.. لذلك دانت له كلها بالولاء، فجمع المجد من كافة أطرافه.
قد يعتقد البعض أن المسألة سهلة، أبداً ليست كذلك، وخاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار وفرة الملذات والمغريات المتاحة في بلاد الغرب، فضلاً عن احتماليات الكيد له من قِبل أقرانه بدافع الغيرة والحسد، مما يتطلب قدراً أعلى من الحذر والالتزام الصارم.
أكثر الله من أمثال هذا النجم العربي المفخرة.
المعنى:
(لا تحسب المجد تمراً أنت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا).