د.عبدالعزيز العمر
يتفوق المعلم على أي مهني آخر في جودة العائد التنموي من جهوده، دون إقلال من جهود غيره. ويكفي هنا أن تعرف أن المعلم المتميز (وليس الطبيب أو المهندس المتميز) في الولايات المتحدة هو المهني الوحيد الذي يحظى سنويا بدعوة وتكريم من الرئيس الأمريكي شخصيا، ولولا ضيق المساحة هنا لأشرنا إلى جهود اليابان وكوريا الجنوبية في تخصيص المعلم بمزايا لا يحظى بها أي مهني آخر، ويمكننا القول عموما أن الأمم التي تقلل من أهمية دور المعلم ومن مكانته هي فقط تلك الأمم المتخلفة. وفي إطار إبراز الدور المفصلي التنموي للمعلم دأب التربويون على إجراء مقارنة مهنية واجتماعية واقتصادية بين (المعلم) و(الطبيب)، دعونا نستعرض بعضا من جوانب هذه المقارنة. في الغالب تتوجه جهود الطبيب - دون تقليل من هذا الدور المهم- نحو خدمة فئة خاصة من الناس (المرضى)، في حين تستهدف جهود المعلم كل الشباب (عصب التنمية)، في الغالب يمضي الطبيب بضع دقائق مع زبون واحد وهو مسترخي على مقعد وثير في مكان هادئ تماما، في المقابل يمضي المعلم وقتا أطول واقفا ومتفاعلا مع مجموعة من اليافعين متنوعي القدرات والخلفيات الاجتماعية .
من جهة أخرى يقوم على خدمة الطبيب طواقم فنية توفر له كل المعلومات التشخيصية التي يحتاجها، أما المعلم فهو يعمل منفردا دون دعم مهني خارجي. وفي عالم يقوم اليوم على اقتصاد المعرفة يوصف المعلم بأنه (عامل المعرفة)، ولكي يؤدي المعلم هذا الدور باحترافية تجده يمتلك معرفة علمية عميقة، ولديه من الاحتراف المهني ما يمكنه من تبسيط تلك المعرفة وتقديمها لزبائنه (الطلاب) بأساليب تمكنهم من استيعابها والشغف بمواصلة البحث عنها وتحليلها ونقدها وتطبيقها.