م. خالد إبراهيم الحجي
إن الزيارات الدولية التي يقوم بها الملوك والرؤساء والقادة سواء لدولة واحدة أو لعدة دول تعتبر شكلاً من أشكال التواصل الدبلوماسي والتعاون السياسى، وتحقق التقارب والتعاون بين الدول. والشواهد الواقعية تشير إلى وجود علاقات مباشرة وترابط وثيق بين الزيارات الدولية وبين ازدهار التجارة العالمية، ونتائجها نقطة تحول في تطور العلاقات الثنائية التي تؤدي إلى اتفاقيات ثنائية إستراتيجية مفيدة للطرفين، تناقش فيها المواضيع المهمة في مختلف المجالات الزراعية والتجارية والصناعية والاقتصادية والعسكرية.
والاتفاقيات الثنائية الإستراتجية بين كل دولتين مستقلة، وليست لها علاقة أو ارتباط أو تأثير على الاتفاقيات الثنائية الإستراتيجية لإحدى الدولتين مع الدول الأخرى.
وزيارات ولي العهد الدبلوماسية لبعض الدول الغربية (بريطانيا وأمريكا وفرنسا وإسبانيا) جسدت حكمة ولي العهد؛ لأنه جمع بين الدبلوماسية الحديثة التي ترتكز على المصداقية في العلاقات السياسية، وتفعيل الاتقاقيات الثنائية الإستراتيجية، وبين الدبلوماسية الأحدث التي تتميز عليها بقدرتها على التفاعل البناء مع أنماط التحولات في العلاقات السياسية. ومواطن القوة التي تتميز بها المملكة شجع بعض الدول الغربية على التَقَرُّب إليها، والسعي العملي للدخول معها في اتفاقيات ثنائية إستراتيجية، لمساعدتها في تنويع مصادر الدخل الوطني بزيادة الصناعات المحلية وتطويرها، لتكون قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية، أو بعبارة أكثر دقة تطوير صناعة بلد المنشأ (صُنع في السعودية) اللازمة لتحقيق التنمية وزيادة المحتوى الوطني (المحلي) الذي يقصد به: تنمية رأس المال البشري وتحسين قدراته ومهاراته، وزيادة مشاركة الشباب والنساء، وزيادة الفرص الوظيفية في سوق العمل، والاعتماد على العناصر السعودية والاستفادة منها بدءاً من القوى العاملة، وزيادة نسبة المواد الخام السعودية في المنتجات المصنعة من الأجهزة والآلات في الداخل، أو المنتجات المستوردة من الخارج، والاستفادة من الخدمات التقنية السعودية في قطاع التسليح العسكري، أكبر قطاعات الإنفاق الحكومي الخارجي الذي تقدر تكلفته بـ(50) إلى (70) مليار دولار سنوياً، يتم صرفها في الدول الغربية المُصَدِّر الرئيسي للسلاح السعودي. وزيادة المحتوى الوطني (المحلي) في قطاع التسليح العسكري يتم من خلال نقل ودعم وتوطين التقنية، وتقديم الاستشارات الفنية والتدريب لبرامج التحول والتطوير لوزارة الدفاع.
وخلال زيارات ولي العهد للدول الغربية تمت عدة اتفاقيات ثنائية عسكرية إستراتيجية اشتملت على زيادة المحتوى الوطني (المحلي) مثل الاتفاقيات الإستراتيجية التالية:
(1): الاتفاقية مع شركة ريثيون لإنشاء فرع لها في السعودية لتدريب كوادر سعودية في الدفاع والتصنيع العسكري.
(2): الاتفاقية مع شركة لوكهيد مارتن لتدريب الكوادر السعودية في مجال الصناعات العسكرية ودعم تجميع طائرات الهليكوبتر في السعودية.
(3): الاتفاقية مع جنرال داينامكس لتوطين تصميم وهندسة وتصنيع ودعم المركبات القتالية المدرعة داخل المملكة.
(4): الاتفاقية الاقتصادية والعسكرية بين المملكة وشركة بوينج الأمريكية لتوطين أكثر من (55) في المئة من الصيانة والإصلاح وعمرة الطائرات الحربية في السعودية، بالإضافة إلى نقل تقنية تركيب ودمج الأسلحة على الطائرات، وتوطين سلسلة الإمدادات لقطع الغيار لتحديث ترسانة الأسلحة العسكرية في المملكة.
وهذه النماذج المختارة من الاتفاقيات العسكرية الإستراتيجية تعكس استجابة الدول الغربية لرؤية المملكة «2030» في زيادة نسبة المحتوى الوطني (المحلي) بتوطين (50) في المئة من الإنفاق الحكومي العسكري داخل السعودية بحلول عام 2030م. والاتفاقيات الثنائية الإستراتيجية السابقة والحالية بين المملكة والدول الغربية ليست مواقف عابرة أو تقاربات وقتية وإنما عمليات مستمرة تزداد قوة وصلابة مع مرور الوقت.
الخلاصة:
إن الاتفاقيات الثنائية الإستراتيجة التي تمت خلال زيارات ولي العهد للدول الغربية تصب جميعها في تحقيق أهداف «الرؤية 2030» وأثمرت زيادة في نسبة المحتوى المحلي لتنويع مصادر الدخل الوطني.