1 - الكتابة عند البعض صوت، وعند الآخرين صدى، وبين الصوت والصدى يكمن الإبداع.
المبدعون يتأبطون كلماتهم ومعانيهم، بها يحضرون وخلف أسوارها يتمترسون، يمارسون شغبهم ويشبعون شغفهم، يُشغلون العالم بأزيز كلماتهم ولفح رؤاهم، هم المؤرخون الذين يعيدون كتابة مشاهد الحياة لتظل الحكايا التي تروى وتبقى، هم النقاد والشعراء، هم الروائيون والمترجمون، هم كل من حمل قلما فراعى رسالته وأجلّ قدسيته.
2 -الكتابة عند البعض جسر للعبور إلى فضاءات الشهرة والتنفذ، شهوة الحضور تتغشاهم فتصبح مبدأ، تسخر له ما بقي من مبادئ.
وقد تصبح الكتابة انطباعية بمعنى أن ما يرشح من الصورة الأولى يصبح قاعدة ترسخ في ذهن الكاتب إلى الأبد.
الكاتب الانطباعي يميل إلى الشكل والشكل غالبا يتماهى مع المصلحة ومتغيراتها اليومية.
3 - ومن الكتابة الانطباعية أن تتغشى الكاتب حالة نفسية تأسره بقلقها وربما ألقها، فيصبح أسيرا لتلك الحالة سيتذكرها فيكتب، يتجدد ألمها فيكتب، يشعر بغبنها وغبن زمنها ويظل يكتب، في النهاية يصبح عبء على الحروف على الكلمات على المتلقي الذي يسأم الكتابة وحضورها الرتيب عبر هذا المأزوم الانطباعي.
4 -هناك الكاتب المشاعري، مرهف الحس، يضحك ويبكي، لا يعطيك رأيا بقدر ما يتماهى مع الحدث وطبيعته والمناسبة وقيمتها، بكاء حد الخشوع والدروشة، ضاحك مستبشر لدرجة تشعرك أنه التفاؤل بعينه، لا ينصر قضية ولا يتبنى موقفا.
5 -تخيلوا أن دستور الكتابة تغير وأعلنت النقاط استقلاليتها عن الحروف، بحجة أنها قادرة على صياغة نصوص تقرأ وتكتب، تفهم وتستدرك، ماذا سيبقى للحروف من معانٍ؟ وكيف يتأتى لها أن تصل إلى الأرواح وهي منزوعة الأجنحة.
6 -تخيلوا لو أن الحروف أرادت أن تضع لها دستورا يسمح لها بتداول الريادة والصدارة في أجواء متسامحة، من من الحروف سيُصبِح آمرا، ومن منها النخبة، وأيهم سيكون الدهماء؟
7 - ماذا لو أرادت قواعد اللغة أن تضيف حرفا إلى العربية الأم، من هو المخول بالإضافة، وماهو صوت ذلك الحرف الذي سيشغل حيزا في اللسان العربي المتين.
8 -تخيلوا لو تنازع حرفا الضاد والظاء أحقية الريادة والأصالة في اللغة، كتابة وقراءة، أيهما سبق أخيه فكان المرجعية التي أتت بالآخر؟ !..... الظاء سيقول أنا الأطول والأجمل والأكمل ! الضاء حتما سيقول، أنا اللغة وإلي تُنسب وتُرجع.
9 - تخيلوا لو أن لكل حرف تاريخه الذي يتقاطع مع الحروف الأخرى، وله أيضا جغرافيته التي يبسط عليها سيادته، ماهو الحرف الأكثر أهمية والأعرق تاريخا والأوسع جغرافيا ؟
10 - ماذا لو طلب أحد حروف العربية اللجوء الثقافي إلى لغة أخرى، هل سيقبل طلبه، وكيف سيتعايش مع اللغة الجديدة ومجتمعها كعزيز لغة ذل، كان له في زمن مضى وزنه ونطقه، رسمه ووسمه؟
** **
- علي المطوع