د. خيرية السقاف
لا أحسبه هدر في الوقت حين كلما كانت معي وشاهدنا على مرأى من عيوننا «عنف» أحد الوالدين مع صغارهم في الأسواق, أو في ردهات المصحات, أو في ساحات المطارات, أو في داخل الطائرات أجدها تذهب إليهم, تنكفئ على الصغير تلاطفه, وتنتحي جانبا مع الكبير تحدثه,
وهي عائدة نحوي تقدم اعتذارها بلطف أن جعلتني أنتظرها..
وهي لم تكن في مهمة أجهل دورها الإنساني قبل التربوي..
فالوقت الذي يقتطعه المرء لأداء واجب الإنسانية هو ليس ضائعا, ولا هدرا فعل به صاحبه..
وحين أُعلن عن رقم هاتف «الحماية» الرسمي وجدتها تطبعه في وريقات صغيرات, وتحمله كما تحمل الهوية في حقيبتها, سرعان ما تقدمه عند الحاجة لأي معنف/ة في الطريق الذي تلتقيه إن كان ممن يعقلون..
صحيح هي تعمل في سلك التعليم, وليس في الحماية, لكنها ممن يحملون المسؤولية بوراثة فضيلة دورها, بالدعوة إلى الأخلاق, بما فيها نمط التعامل مع قيم التربية, والتوجيه, والرعاية مع الصغار كيفما كانت طباعهم, فهي تؤدي دور الإنسان نحو الإنسان, والمسؤول في مجتمع يخطو نحو الفضيلة عن وعي, ويعمل على تمثل الخلق الحضاري مقتديا برسول الأخلاق, نبي الأمة عليه الصلاة, والسلام الداعي إلى «الرفق في التربية» وفي كل تعامل, هذا المجتمع الذي يرو لأن يصبح بأفراده واعيا, عارفا أسس التوجيه, ومسالك التعامل مع الآخر في أفراده وإن كانوا أطفالا أو صغارا لا يملكون للدفاع عن أنفسهم حولا, ولا قوة أمام «سطوة» الوالدين, أو الكبير في «العائلة», أو المدرسة..
الشاهد, هو أن مسؤولية كل فرد في المجتمع حيث يجد مروقا في التعامل مع الفئات العمرية الصغيرة من قبل أي «كبير» متسلط, وقاس أن يقوم بدوره في أي مكان بما يقتضيه الموقف, وكون هذا واجبا مشروعا يُنص عليه من قبل جهات الاختصاص..
ربما نقضي بهذا القرار على أبواق البكاء التي تصك الآذان حيث نلتقي المعنِّفين فيها, والبريئين الذي ليس لهم إلا بوابة أصواتهم, حين يدرك أولئك أن العيون ترقبهم, والعقوبة ستلحق بهم..!!
إذ لا يزال المجتمع بحاجة ماسة إلى توعية من بيده شأن الصغير عند نموه في خفاء البيوت, أو ظاهر الأماكن.