فيصل خالد الخديدي
الألوان كالألحان، تشجي وتطرب، وإيقاعها يمتع، ونشازها يزعج.. والساحة التشكيلية المحلية بين إيقاعات ونشازات تعيش مواقف متباينة على هيئة ترانيم ملونة، منها متزن، ومنها ما يحتاج إلى وزن..
* للكلمة سحر، وللمعرفة ضوء، يشرق بالمعلومة؛ فيصنع منها ممارسة إبداعية فاعلة. وللحرف أربابه، وللمعلومة نساجها وناقلوها بأمانة وعمق، يرتقون بمجتمعاتهم، ويشعلون ضياء المستقبل.. عوضة الزهراني وعصام عسيري كلماتهما طرب، ومقالاتهما نغم، ونقاشاتهما ارتقاء.
* بكر شيخون فنان برتبة مفكر، منارة فن وصائغ فكر، غاب أو غُيب عن المشهد التشكيلي المحلي. منجزه سابق لوقته، اشتغل على المفهوم في أعماله الفنية، وأجاد وأبهر، وتحدث عن الفن ونظَّر؛ فكان له كتاب حكايات تشكيلية ليست كبقية الحكايات.. باختصار، هو فنان مختلف؛ يستحق أن يكون في المقدمة وسط هذا الصخب والفوضى التي تشهدها الساحة.
* خطابه الاستعلائي صنع سياجًا بينه وبين ذاته المبدعة وبين الآخرين؛ فأصبح يرى كل ما كُتب عنه لا يوفيه حقه، وكل الأقلام تتضاءل أن تحيط به علمًا، وبفنه وصفًا.. وصفحات الصحف تتحول لصفار الأوراق؛ لأنها لم ترتقِ لديباجة تناسب ما هو عليه من استعلاء. هو يرى نفسه فوق الآخرين، وهم لا يرونه.
* يهرف بما لا يعرف، ويفتي بما لا يفقه، يمتطي صهوة الكلام بحجة الصراحة وعدم المجاملة، وهو منها بعيد. يناقض نفسه بين موقف وآخر. تناقضاته أفقدته المصداقية، وشوهت منجزه. ليته يعمل بصمت، وينجز في معزل عن ثرثرته؛ لكي يظهر منجزه، وتظهر لأعماله ثمرة.
* يعمل بهدوء، وينجز باحتراف في تنظيم الفعاليات التشكيلية والملتقيات الفنية.. ينطلق من وسط البلاد؛ ليصافح شرقها بتنظيم فعالية. ويشرق في غرب البلاد بملتقى يجمع المبدعين في حسن تنظيم، وتنوُّع عطاء، ورشاقة تنقل.. يمتع متابعيه، ويثني عليه مَن تعامل معه.. الفنان طلال الطخيس مثال حي للمنظم المحترف.
* إيقاع محبط، نشر طقوسه على بعض المبدعين بين تهميش المؤسسات الثقافية للمبدعين، وتقديم أنصاف المواهب والمدعين للصفوف الأمامية؛ فأصبح عزفهم الإبداعي المنفرد لا يُسمع، ولحنهم الأصيل لا يُطرب وسط صخب وضجيج نشازات شاذة، مثلت ثقافة البلد وفنونه؛ وهو ما يحتاج إلى إعادة وزن و»دوزنة».