د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
(1)
** في صبانا كنا نحسب أن الكبار لا يُخطئون ولا يكذبون، وما يزال صبيتُنا يجادلوننا في معلومة خاطئة دون أن نستطيع إفهامهم أن الشمس قد تخلف موعدَها مع معلميهم في المدارس، والمأزق هنا عبور الجسر الفاصل بين «قيمة» المعلومة و»قامة» قائلها.
(2)
** بين أن نأخذ المعلومةَ من مظانّها وبين أن نظنَّها معلومةً مسافةُ الثقة بالذات القادرة على تحجيم عُجبها،ومسافةُ العلاقة المتكافئة مع الآخر دون الانقياد له بعينين مطفأتين وعقلٍ متثائب، ولو أحصى واحدُنا أمداءَ الاختلافات بين ما تَوهّمه أو قيل له وبين الحقيقة الموثقة لوجد مساحاتٍ تاه فيها عن نفسه وتلوث بها نفيسُه.
(3)
** لكلٍ شأنُه مع سلوكاته الذهنية والمجتمعية التي قد تدفع به إلى رؤية غيره بعدسة مقلوبة، وعاقبتها عزلة له أو سخرية منه، وقد يجد فيها لذة التورم فيبقى الإشكال مع «المعلومة والرأي» حين يصدران عن جهيرٍ بواقعه وموقعه ثم يسيران كأنهما مُسلّمتان لا تقبلان النقض، ليكتشف المقتنعون - ولات ساعةُ ادّكار - أنهم قد ابتاعوا الكذب أو ارتضوا التكاذب.
(4)
** بين الكاتب وقارئه علاقةٌ ملتبسةٌ تُفهم بأكثرَ من دلالة من غير أن يتواضعا على الاتفاق حولها أو تعديلها أو الانفكاك منها،وتتداخل فيها عواملُ متبدلةٌ لا تخلو من مصالح المسارح و»كواليسها» الخلفية، وبخاصةٍ عند من تتوظف الكلمة لديهم في سياقٍ نفعي لا يخلُو منه زمنٌ ويتخصص به وراقون، ولعل المتنبي - بشعره « التطوافيِّ» أنموذجٌ بارز على النصوص التكسبيةِ باختلاف أنماطها، كما سبقه ولحقه آخرون شعرًا ونثرًا ، وبات معظمهم ذوي هُوياتٍ مألوفة، ولا حساسية ضدهم إلا بحكم قربهم من القارئ العاديّ وتأثيرهم فيه وانتمائهم إلى أوساطٍ قد تعنيه وربما لا يعنيها،ولا بأس إن جفتهم معالمُ الإبداع واستقبلتهم مراتعُ الابتداع.
(5)
** تتضخمُ المشكلة مع الكبار الذين يمتلكون جمال البيان فتلتئم حولهم الجماهير ثم لا يترددون في أن يستغلوا قاعدتهم الشعبية فيعبثوا بالمعلومة ويعيثوا في الرأي، ويتجذر معظمهم في الخطابات المسموعة والمرئية، ومن غفا على أحلام «أحمد سعيد» ،وما كان -عفا الله عنه - أكثرَ من أجير فلا يحاسبُ بما علاه - استيقظ على وجوهٍ «باسرةٍ» أيقنت أن قد حلَّت بها «فاقرة»، وما ضارَه أن كذب وضرَّ أمةً انخدعت بالخُطب.
(6)
هامش
--
** تداعياتٌ حول المعلومة والرأي بعد متابعة ثلة من رموز الفكر العربي -كما يُسمّون- لم يقتنع ببعض ما بثُّوه أو قالوه فراجعه ووجده مليئًا بالمغالطات موقنًا أن «الرائد قد يكذب أهلَه»، ولو اصطفى خاتمةً لهذه المقالة لرأى أن أسوأ الكبار هم «المؤدلجون والمبرمجون»، ولأوصى ألا ننخدع بالاسم والوسم واللقب والنَّشب والصيت والصوت.
(7)
** المتابعة لا تفرضُ الاتّباع.