عماد المديفر
تفاعل بشكل إيجابي كبير عددٌ من المغردين السعوديين في وسم «#السعودية_أولاً»، مشكلين بذلك مايشبه الحملة الإعلامية، اتسمت -في أغلب حالاتها - بالعفوية، وذلك عبر موقع التواصل الاجتماعي الأشهر «تويتر»، وهي حملة وطنية دون شك، تنم عن شعور عالٍ بالمسؤولية الشعبية والالتزام الفردي والجمعي التام تجاه الوطن، قيادة وشعباً وأرضاً، حتى وصل هذا الوسم إلى قائمة الوسوم الأكثر تداولاً (ترند) محلياً وعالمياً.. ما ينم بجلاء عن حسٍ وطنيٍ عارم، وتغنٍ بالوطن، وحبٍ عظيم له، عبّر عنه المغردون السعوديون.. بكل أطيافهم. لكن هل هذا وحده كافٍ؟..
بداية.. ينبغي أن نعلم، وأن نُعلن ، ماذا تعني عبارة «السعودية أولاً».. تلك التي تغنى بها المغردون طويلاً.. عرفها واستوعبها البعض.. وغابت ربما بعض معانيها ودلالاتها عن البعض الآخر.. بل ولربما استخدمها البعض للتغطية على إخفاقاته، أوربما تورطه في دعم أفكار وتوجهات متطرفة، أو تقديمه للسند لمشبوهي التوجهات.. فكان رفعه لهذا الشعار نوعاً من الهروب والنفاق، والتلون، حتى تحين له فرصة أخرى سانحة، كما كان يظن إبان فترة ما سمي بثورات «الربيع العربي». وهنا واجبنا كمواطنين أن ننشر، ونتناقل، ونتواصى فيما بيينا بعضاً من تلك الدلالات، وتلك المعاني العميقة التي تحملها عبارة «السعودية أولاً».. ولنجعلها بالفعل؛ شعارنا إلى الأبد..
السعودية أولاً.. أي أن نجعل مصالح وطننا وحدها هي العليا.. ومصالح أبناء الوطن ومستقبلهم، ومستقبل الأجيال القادمة.. في المقدمة. الوطن وحده.. لاشيء سواه.. المملكة العربية السعودية.. والمواطنون وحدهم.. السعوديون.. وحدهم في المقدمة.. لهم الأولوية في كل شيء، وعليهم العبء والمسؤولية عن كل شيء. معاً.. يداً بيد.. وصفاً واحداً.. يسند بعضهم بعضا، ويقوِّم بعضهم بعضا.. ولنؤطر على كلمة الحق (السعودية أولاً) كل من يلزم أطره.. كائناً من كان. ولنلفظ «الخَبَثَ» عن وحدة صفنا، حول شعارنا العظيم»السعودية أولاً» .. ونتخلص من هذا «الخَبَث»، وعلى رأسهم أهل الشقاق والنفاق، ومن يستخدمون الدين والعواطف الدينية -بكل خسة ودناءة ورُخص- لتحقيق مآربهم الخبيثة.. وليتم استخدام الوطن وأبنائه ومقدراته فيما لا يعود بالمصلحة عليهم، بل ربما كان في الغالب العكس.. فهؤلاء من شذاذ الفكر والتوجهات الإسلاموية المنحرفة، لا مكان لهم بيننا بعد اليوم.. فـ «السعودية أولاً» أول مقتضياتها أن نلقي برموز هؤلاء الشذاذ الشواذ في مزبلة التاريخ، فمن شذ؛ شذ في النار.
هذه أولويتنا.. وهذا واجبنا.. وهذه مهمتنا: «السعودية أولاً».. ومن جاء يتحدث عن مصلحة خلا مصلحة الوطن، أو تتعارض معها، أو تؤثر عليها.. فهو رد.. وحديثه رده.. وفعله وكلامه مردود عليه.
فلا نقدم على مصلحة الوطن مصلحة (حزبية) أو (أممية) أو مشاكل أقوام وأجناس وفئامٍ أخرى.. لا نعلم صدقها من كذبها.. ! فيتلاعب بنا المتلاعبون، عبر دعايات وبروباغندا قذرة كاذبة، تستميل طيبتنا ومشاعرنا الصادقة!
لا نحمل هم أحدٍ سوى الوطن.. ولا ندخل في قضايا وحروب لا ناقة للوطن ومصالحه فيها، ولا جمل!! بل لربما أضرت بالوطن ومصالحه العليا، وأقلها أن تتسبب في هدرٍ لموارده، وفقد لحلفائه، وشركائه، أو لربما تسبب ذلك في ربطنا بالإرهاب ودعمه..! لاسيما وأن الوطن والمواطن يتطلعان اليوم لمكانة علية مستحقة لنا بين الأمم.. لا تحدها إلا «حدود السماء».. وبما نمتلكه من مصادر قوة حبانا الله بها، إذ «الله أعلم حيث يجعل رسالته»ونعمه. موارد حبانا الله وخصنا بها، دينية وسياسية واقتصادية وعسكرية وجغرافية وتاريخية وتراثية وحضارية، وقبل هذا وذاك كوادر وموارد بشرية هائلة، هي في حقيقتها امتداد لما سبق،و لا نزال في واقع الأمر بحاجة لتفعيل وتوظيف هذه الموارد وهذه القوى على الشكل الأمثل، وبكفاءة مستحقة، وعدم التهاون في هذا الأمر، وإلا انقلبت كل تلك النعم إلى نقم، وهي نعم من واجبنا شكرها، ومن شكرها ليس فقط المحافظة عليها، بل وتعزيزها، وذلك لا يتأتى إلا بتعزيزنا لمصالح وطننا، وشراكاتنا مع الأوفياء، ومع الدول والشعوب المتقدمة والمتحضرة.. ولنلفظ وراء ظهورنا تخلف القوميين والإسلامويين الذين دمروا بلادهم وشعوبهم وجعلوها مرتهنة إما لقوى الشر والإرهاب، أو للفقر والجهل والتخلف.
ندور مع مصلحة الوطن.. وقضاياه.. وحدها قضايا الوطن.. وقضايا شعبه ومستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة.. لا قضية فلانية ولا علانية.. لتضيع الموارد والجهود والطاقات فيما لا نفع منه!! بل ربما الضرر.. وأي ضرر أعظم من ضياع الموارد والجهود والأوقات الأجيال والأعمار؟!!
فأين ثمة مصلحة الوطن.. وحده الوطن؛ درنا معها.. فلا تحدثني عن الشعب الفلاني، والبلد العلاني، والمدينة الفلانية، والقومية العلانية.. مالم يكن لذلك مصلحة مباشرة للوطن. إن كنت حقاً ترفع شعار «السعودية أولاً»؛ فلا تحدثني عن ما يسميه الإسلامويون والقوميون بـ «إخوان» هنا أو هناك، هم أول من يخذلك ويخذل وطنك ويتهمك فيما ليس فيك!!..
لنكن -كما نحن دوماً مع الجميع- صادقين أوفياء- هذه المرة- مع وطننا العظيم، وشعبه العظيم.. وأبنائنا الذين لا أحد لهم بعد الله سوانا.. أطهر وطن.. وأطهر شعب.. وأنبل شعب.. وأوفى شعب؛ لذلك، وجب علينا وجوباً أن تكون وحدها مصالح الوطن العليا.. هي الأساس.. «السعودية أولاً» وما دون ذلك، فينبغي أن لا نغامر بالتضحية في مصالحنا ومصالح الوطن وأبنائه لأجل أناسٍ أو شعوب أو مدنٍ أو دول، أخرى.. آخر ما تفكر فيه هو أنت وأنا، ووطنك وأبناؤك وأبنائي.. بل إنها، وإذا ما صارحنا أنفسنا، و كشفنا الأمور على حقيقتها، وتوقفنا عن النظر لها بطيبة مبالغة، تصفها تلك الشعوب نفسها - وبشكل لا يخلو من اللؤم والسخرية- بـ «السذاجة»، لرأيتهم ينظرون إليك بنظرة ملؤها الحقد والحسد على ما حباك الله به.. تضحك في وجهك، ومن خلفك (تضرس) عليك وعلى وطنك.. وترى أنك مجرد «بدوي جاهل عنده آبار نفط وثروات دينية ومادية لا يستحقها».. أو أن جزءاً من أرضك أو ثرواتها، ليست ملكك ولا تستحقها! فهي ملك مشاع! سواء باسم «العروبة» كما فعل عبدالناصر من قبل، أو باسم الدين، كما يفعل الإسلامويون، سنيهم قبل شيعيهم، والذين لم يعودوا يخفون مطامعهم في الاعتداء على سيادة بلدك، رافعين شعار «تدويل الحرمين الشريفين»..! ويرى إرهاصات ذلك من كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد. وأما من عمي عليه بصره وبصيرته، فلا تنتظر منه شيئاً، {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (*) وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ}..
إلى اللقاء.