ياسر صالح البهيجان
يُعد ارتفاع مؤشر رضا المستهلك عن المنتجات والخدمات التي يدفع ثمنها للمنشآت التجاريّة دليلاً على جودة الرقابة على الأسواق، وتميز مستوى حماية أفراد المجتمع من عمليّات التلاعب والغش التجاري. كما أن ارتفاع المؤشر يؤكّد على وجود بيئة محفّزة للاستهلاك الآمن، ويزيد من مستوى إقبال المستثمرين رغبة في الاستفادة من معدل الإنفاق العالي على السلع والخدمات، وهو ما ينعكس بدوره على الاقتصاد الوطني، وتحسين مستوى مشاركة القطاع الخاص في نموه وازدهاره.
تنتظر وزارة التجارة والاستثمار مهام متعددة ذات صلة وثيقة بالحفاظ على مستوى عالٍ من رضا المستهلكين، إذ لا تزال السوق السوداء الحافلة بالسلع المغشوشة منتشرة في الأسواق والمحال التجارية سواءً فوق الطاولة أو تحتها، فضلاً عن عروض التخفيضات الوهميّة، والتلاعب بالأسعار في مواسم متفرِّقة من العام، وجميع تلك السلوكيّات وغيرها تضر أولاً برضا المستهلك، وقد تدفعه عنوة إلى الإحجام عن الشراء وتسهم في تراجع ثقته بما يُطرح من سلع وخدمات.
والحق أن لوزارة التجارة والاستثمار جهود ملموسة وحملات ميدانية جيّدة، ولكن حجم التجاوزات كبير للغاية، وأعتقد بأن خصخصة النشاط الرقابي بالكامل سيكون خيارًا موفقًا وحلاً مناسبًا لتجاوز محدوديّة عدد المراقبين ليس في وزارة التجارة والاستثمار فحسب وإنما لدى الجهات المعنية كافّة، كما أن الشركات المتخصصة في هذا المجال لديها آليّات عمل متطوّرة بإمكانها أن تسخّرها للارتقاء بمستوى الرقابة والمحاسبة، إضافة إلى أن التخصيص سيسهم في إيجاد آلاف الفرص الوظيفية للمواطنين من الجنسين دون أن تتحمّل الجهات الحكوميّة كلفة مرتباتهم.
وعند الحديث عن الرقابة، فإننا لا ننسى أهميّة دور أفراد المجتمع في المساهمة الفاعلة للتبليغ عن أي تجاوزات، وهذا يفرض على الجهات الحكوميّة أمرين رئيسيين، الأول يتمثّل في تعريف المجتمع بالسلوكيّات التجارية المخالفة وكيفية تمييزها عن غيرها من السلوكيّات المصرّح بها، والثاني يتجسد في إيجاد وسائل اتصال سريعة تضمن استجابة فورية مع بلاغات السكّان.
فداحة حجم التجاوزات في الأسواق التجارية تمثّل تحديًا كبيرًا، ولكن لا خيار أمامنا سوى المواجهة بقوة وحزم لحماية المجتمع من الجشع والاستغلال والتلاعب، ولكي نوفّر أرضية مناسبة لنمو اقتصادنا الوطني الذي يمر بمرحلة تحوّل كبرى تستحق منّا مضاعفة الجهود تحقيقًا لتوجيهات قيادتنا الحكيمة، وسعيًا لتحسين مؤشر رضا المستهلك.