د. محمد عبدالله العوين
في يوم السبت الماضي 5 شعبان حلّقت بعد صلاة العشاء طائرة ترفيهية صغيرة من نوع «الدرون» يلعب بها أحد الهواة في حي الخزامى فأثارت الاشتباه مما اضطر الجهات الأمنية إلى مواجهتها وإسقاطها، وهو موقف يمكن أن يتخذ من أية جهة أمنية في أي مكان من العالم حينما يحدث اشتباه أو تخترق الأجواء طائرة بدون ترخيص مهما كان حجمها أو نوعها.
تلك كانت القصة التي حدثت مساء السبت باختصار شديد على أثرها صدر بيان أمني شفاف كشف خطأ هاوي الطيران لاختياره المكان غير المناسب ولممارسة الهواية بدون ترخيص يفرض الالتزام بشروط هواية التطيير بهذا النوع من الطائرات كما هو متبع في دول العالم.
نحن أبناء مدينة الرياض القريبين من هذه الواقعة الصغيرة استوعبنا تفاصيل هذه الحادثة فور صدور البيان الأمني ولم يتطرق إلى أذهاننا أي شك في وقوع خلاف ذلك، فقطعت جهيزة قول كل خطيب، ولم يعد مجال لمن يريد أن يثير شبهة أن يصطاد في الماء العكر؛ لكن من في قلوبهم مرض ممن ينتظرون قشة يتعلقون بها أو خبراً مؤذياً لنا لم تتأكد مصادره أو شائعة شائهة طاروا بها وخلقوا منها قصصاً وروايات خيالية لن يصدّقها إلا من يشتهيها من أمثال أولئك المرضى بالأحقاد.
لقد كشفت طائرة «الدرون» كيف اشتغل الموتورون يؤلّفون مسلسلاً خيالياً يتمنون أن يحدث فعلاً، وهو ما كتبوه إما بأسمائهم الصريحة ممن يعملون تحت إمرة تنظيم الحمدين الإرهابي، وإما بأسماء سعودية منتحلة تزعم أنها تنتمي إلى قبائل سعودية شهيرة؛ ولكن اللهجة تفضح المزوّر المنتحل فلا يكتب بضع جمل ركيكة إلا وتتكشّف اللهجة الأصلية؛ لنعلم أنه لا يمت لبلادنا بأدنى صلة!
وتقيأ الخونة المارقون في لندن الذين باعوا ضمائرهم وولاءهم للشيطان وأصبحوا أجراء رخيصين للأعداء من عرب وعجم فكتب أحدهم يدعو إلى الرفق والبعد عن العنف بعد نجاح ما تمناه حسب خياله المريض، وكتبت قناة « الخنزيرة « بوق تنظيم الحمدين بلغة متذاكية خبراً يوحي بالشك في أن وراء طائرة «الدرون» ما وراءها وعقدت لمناقشة الحدث ما يشبه الندوة التحليلية، وهكذا اندلقت المعرفات المستأجرة بألقاب فضح كثيراً منها غباؤها في استخدام التقنية والاستعجال في الإثارة وإحداث فوضى تفسير الحادثة والرغبة في إدخال الشكوك في سيطرة الأمن؛ ونسي أحد تلك المعرفات إلغاء خاصية تحديد الموقع لينكشف أنه يكتب من الدوحة لا من الرياض كما يزعم!
كم كنت أيتها الطائرة الترفيهية الصغيرة التي أخطأ صاحبك في ممارسة هوايته بك سبباً في فضح ما يضمره الأعداء من رغبة عارمة كامنة في صدورهم بإثارة الفوضى والاضطراب والخراب في بلادنا؛ ولكن الله أراد لهذه البلاد المباركة ولقيادتها ولشعبها الأمن والسلامة والتنمية والتحضّر.
ونخرج بفائدة جليلة من خطأ غير مقصود كيف أنه قد انكشف كم هو هذا الفضاء الإلكتروني المفتوح مليء بالأجراء والمزوّرين والأعداء والمرضى بالأحقاد.
وليمت كل حاسد بحسرته وعذابه لنفسه كمداً وغيرةً وكرهاً؛ كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.