يوسف المحيميد
«راح أتخرج السنة الجاية ومن دحين أطالب بأن أبويا يكون في حفل التخرج زي ماسوو للأولاد ولا ما ححضر لأن حقيقي أبويا رجل عظيم مستوعبين أنو شابت لحيته وحياته كلها وهوا يوديني ويرجعني في كل مراحلي الدراسية؟ أكثر من 18 سنة مامل مني طبعا غير مواعيدي في المستشفى اللي كانت ولازالت»
هذه الرسالة الجميلة البسيطة من طالبة في إحدى الجامعات السعودية، تطالب الجهات المعنية بالسماح لوالدها بحضور حفل تخرجها في الجامعة، وتقدم مبرراتها بأن هذا الأب العظيم يحمل حقيبتها ثمانية عشر عامًا دون أن يكل أو يمل، فمن حقه عليها أن يحتفل بها في نهاية هذه الرحلة الطويلة من العلم والمعرفة، وهو أمر بسيط ومشروع يفترض أن يتم إقراره عاجلا، بأن يحضر الوالدان حفل تخرج بناتهم وأولادهم، بل حتى لو حضر الأب لوحده في حالات مثل وفاة الأم أو لأي أسباب أخرى، خاصة أننا قطعنا شوطا جيدًا من السير نحو مجتمع طبيعي وتلقائي في تكوين علاقة الرجل بالمرأة، مثل مختلف شعوب العالم.
وكما أن حق الأم كبير في رحلة الحمل المضنية، وما بعد الوضع من رعاية الطفل لحين يكبر، فإن حق الأب أيضًا كبير في المرحلة التالية، رحلة التعليم والمتابعة لحين وصول البنات والأبناء إلى المحطة الأخيرة، وقد تمتد لما بعد ذلك، فكم من الآباء العظماء من نذر حياته لتوظيف ابنته، والتنقل بها إلى قرى وهجر نائية حين تعمل معلمة في إحدى هذه المدارس البعيدة، بحثا عن اكتمال حياتها العملية.
لذلك لم تكن مطالبة تهاني في الرسالة أعلاه، وصور والدها في حسابها، وهو بلحيته البيضاء يحمل حقيبتها على ظهره المحدودب، أمرًا صعبًا، ولا مستحيلا، فلا بد أن تبادر الجامعات بإقرار هذا الأمر بشكل عام، وأن ترفع الأمر لولي الأمر لإقراره في جميع الجامعات السعودية، الحكومية والخاصة، لإعادة الأسرة السعودية إلى طبيعتها، في تقاربها و(لمَّتها) خارج البيت كما في داخله.