د.ثريا العريض
فيما يتعلق بالتغيرات الواضحة في حقوق المرأة السعودية وحصولها عليها سواء في تعامل القضاء معها، أو مشاركتها في الحياة الطبيعية في الحيز العام وفعالياته، يستوقفني أن من كانوا يتخذون موقف النقد المحموم العالي النبرة «لعدم حصول المرأة على حقوقها» ما زال بعضهم يتشبث بموقف النقد والتشكيك لأسباب متعددة. فهل يا ترى كان القصد من النقد تحسين أوضاع المرأة؟ أم التشرعن بيافطة «المعارضة»؟! تلك لن تعترف بالإنجازات أبداً لأنها لو اعترفت بها فقدت شرعية بقائها في واجهة «النقد» والمطالبة.
ووسائل الإعلام الغربية تتلمس تأثيراً وتفسيراً يخص الغرب: هل لهذه القرارات علاقات باتفاقية «السيداو»؟ هل جاءت القرارات من تأثير حملات التوعية «الغربية» للديمقراطية؟
وبسبب عقود التلكؤ وتصاعد التشدد التي مررنا بها يبدو أن إقناع المتسائلين بأن «التحول» يأتي بكل تفاصيله بدافع داخلي ليس سهلاً.
الحقيقة تبقى أننا «نتحول» ونفتح الأبواب والشرفات ليتدفق أكسجين الحياة النقي دون غبار تراكمات الانغلاق من أجل أنفسنا.
تظل الحقيقة الأهم هي اتضاح موقفنا لنا داخلياً: رؤية التحول هي نضج ذاتي الدافع يسمح للمرأة السعودية بأن تكون في معادلة مواطنة عادلة تضمن لها حقوقها وطموحاتها. فلنضع الشكر حيث يجب أن يكون.
شكراً للمرأة السعودية الواعية على إصرارها. وشكراً لكل من ساندها ودعمها من الواعين آباء وإخوة وأزواجاً وأبناء. وقبل ذلك؛ شكراً لولي الأمر الجريء على اتخاذ القرار بإنصافها وإعادة الاعتبار وقدرة الاختيار إليها.
له أقول بكل امتنان: وفاؤك بوعدك وإصرارك أن تكون قراراتك شمولية ومترابطة ومتكاملة, وإيمانك بأن المرأة كمواطنة لها حقوقها هي جزء من «مسؤوليتك» كقائد لمسيرة وطن؛ وإن رضى الله وليس رضى هذه الفئة المستفيدة أو تلك هو ما نسعى معاً لتحقيقه. والحمد لله أن لا ضغوطها ولا تأثيرها هو ما يقرر وجهتنا.
المؤشر الحقيقي على نجاح القيادة هو في وضوح الهدف الأعلى والالتزام بمسؤولية تحقيقه وبترشيد تعامل المجتمع مع الفرد من حيث حماية حقوقه وتحديد مسؤولياته؛ ونحن, المحبين للوطن والمهتمين بوجهة مسيرته, نرى في قراراتكم، بما في ذلك القادم منها, تلك الحكمة التي تجعلها تستحق الولاء والإخلاص والعمل معاً لتحقيق التنمية المستدامة وسعادة المواطنين واستقرار الوطن. فالأسوأ فعلاً من النظرة التآمرية والتغريبية المتحاملة, هي الرؤية المتقبلة للتهميش, وأن المواطن لا يعي مسؤوليته. المرأة كفرد أضافت المطالبة بحقوقها المشروعة في تفاعل المجتمع إلى المطالبة بحقوقها الشرعية في إطار الأسرة؛ وبعضهن لا يزلن يعانين بسبب تأطير المرأة مهمشة في كونها أنثى. وهي بمبادرتكم نالت بعض حقوقها وتثق أنها في إطار رؤيتكم الناضجة ستنال المزيد.
لن تخيب رؤيتكم وفقكم الله. ونأمل أن نكون, نحن نساء هذا الوطن الواعيات, على مستوى رقي توقعاتكم منا.