عبده الأسمري
عندما نتحدث عن الفساد فنحن أمام ظاهرة عميقة لها جذور متأصلة وفروع متشعبة وحينما يحل الفاسدون يحتل البؤس الأماكن وتحيط بالأنفس دوائر السوء..
ولو دققنا في جملة التصريحات المعلنة من بعض المسؤولين في الوقت الحالي لرأينا تلك الجمل الشهيرة والخطب العصماء عن الفساد وعن مكافحته فيما كانت في السابق مجرد لافتات على مكاتب وإدارات تقتص الميزانيات وتنهش خيرات البلد.
الفساد الخفي هو الجزء الأهم من المعادلة حاليا.. مع قطب مواجه له يتمثل في احتيال معلن بالتصريحات التي تتقاطر منها «حبكة الحيل» وتتعالى فيها أصوات «التمويه»!.
هنالك فساد خفي قادم لا يرى في أجندات «الميزانيات» ولا تكشفه مجاهر «الرقابة» ولا تمسك به جولات المداهمة.. إنه الموجود في قلوب الفاسدين.. وفي ضمائرهم المنفصلة عن الصدق.
الفساد في القرارات والمفسدة في التخطيط جزء من فساد خارج إطارات «المال» وبعيدا عن إدانة «الإيرادات والمصروفات»
هنالك فاسدون ناشئون يبرمون صفقاتهم في مساحات محدودة وهم بلا شك مشاريع خطرة لفساد أكبر يجب أن يجتث من بداياته لأن الضبط والإطاحة بدأت بالكبار وبالأرقام العظمي لذا فإن الفاسدين من ذوي الفساد المحدود جائلين في لم الغلات سريعا وهذا يؤسس لفساد أعظم سيدمر التنمية إن لم يلتفت إليه سريعا.
هنالك فساد خفي في واسطات همشت «أصحاب الشهادات» وألغت «مالكي الخبرات» وصادرت «أحلام البسطاء».. وفساد أكثر خفية يتمثل في عدم نزاهة بعض أصحاب المناصب في المهام المناطه بهم فمنهم «المغرور» و»المتعجرف» و»سليط اللسان» و»الفاشل قياديا» كل ذلك فساد واستغلال المنصب في أمانة ليس أهلا لها.
العقود الخاصة بالتشغيل والصيانة والابتعاث والتغذية والانتدابات والإجازات والدورات والسيارات الحكومية وميزانيات الخدمات المساندة كلها «وجبات دسمة للفاسدين» يجب أن تراجع وأن تراقب وأن تخضع للتدقيق والتحليل عاجلا فالفساد انطلق من بواباتها المفتوحة على مصراعيها لكل صاحب توقيع ومالك ختم ومؤسس حيلة.
سيتجلى لدينا فساد متعلق بالتلاعب والاحترافية مموها بحيل التغافل والتجاهل مشفوعا بحسن «النوايا» الوهمية.. سيكون حاضرا بقوة في الثقة المعززة بالنجاة من بين سقطات فاسدين آخرين.
هنالك من نجا وآخرون توهموا النجاة في ظل عمل دؤوب وموضوعية فريدة من قبل لجنة مكافحة الفساد والنيابة العامة التي ستعمل بالتصريح التاريخي لسمو ولي العهد «إنه لن ينجو أحد تورط في الفساد» ولكن الأمور تحتاج إلى احترافية وفكر استباقي لحيل تحاك في الخفاء وأخرى يخطط لها..
تحليل التصريحات مهم جدا وإخضاع القرارات العشوائية والتخطيط المبطن بالفساد أمر في غاية الاهتمام لمعرفة الجذور العميقة للفساد..
الفساد الخفي أعظم خطرا وأشد وطأة لأنه يعتمد على تخطيط بعيد المدى وعلى نزاهة ظاهرة تخفي حيلا باطنه.
هنالك حيل مضادة يقوم بها ثلاثة نماذج وهم المتشبثون ببقايا الفساد والقادمون إليه والباقون في «مستنقعه» لذا يجب أن تكون هنالك فرق محترفة متخصصة في علم نفس السلوك وعلم النفس الجنائي وعلم نفس الشخصية تحلل وتدرس قضايا الفساد من وجهة نظر سيكولوجية متعمقة لأن ذلك سيسهم في الكشف عن خلايا الفساد النائمة وفي قراءة مشاهد الفساد من وسط المجتمع ومعرفة العديد من الخفايا واستقراء الكثير من الحيل التي يتوارى خلفها الفاسدون.!!
بارك الله في جهود سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومن ائتمنهم في تقليم أظافر الفساد والمفسدين.