أحمد المغلوث
كتاب التاريخ وعلى الأخص المؤرِّخون اهتموا ومنذ لحظة تسلّم الملالي للحكم في إيران بمتابعة ورصد حدث التغيير فرصدوا ومنذ اللحظات الأولى لتسلّمهم السلطة كيف بدأت الحياة في الجارة إيران تأخذ طابع الفوضى في مختلف مرافقها فراحت الدوريات المتخصصة في العلوم السياسية تحلّل وتدرس وتبدى رأيها في ما وصلت إليه الحالة في هذه الدولة التي اختطفت من قبل نظام الملالي وبالتالي اكتشفوا ومع مرور الأيام والشهور وحتى السنوات بعد ذلك أن الحكام الجدد لم يحققوا لشعوبهم أي مكاسب تخفف عنهم عبء سوء الأوضاع التي يعيشونها رغم ما كانوا يعلنونه بين فترة وأخرى وحتى من خلال الإشارات والإيحاءات خلال خطب الجمعة وما كانت تتضمنه من شعارات تتكرر دائماً طوال السنوات الماضية. من حمايتهم للمستضعفين وعلى الأخص من ظلم المستعمرين. وتحرير القدس. وحتى تصدير ما يُسمى «بالثورة» وتمضى الأيام لتكتشف الشعوب الإيرانية المغلوبة على أمرها وبصورة واضحة وجلية عمق المعاناة، بل المأساة التي بدأ الملالي يدخلونهم فيها بصورة ممجوجة فعاشت هذه الشعوب ومنذ العقود الثلاثة الماضية تقريباً أوضاعاً سياسية واجتماعية واقتصادية لم يجنوا منها غير المزيد من المشاكل التي باتت مستعصية مما جعل الملايين من الشعوب الإيرانية البعيدة عن السلطة أو الذين ليس لهم محسوبية في النظام أو أحد أعضائه. فتوجهوا إلى الهجرة بطرق مختلفة. فالكثير منهم هربوا من خلال فرصة الزيارة للأماكن المقدسة لديهم في العراق أو سوريا ومن ثم التوجه بطرق مختلفة إلى الدول الغربية. وما زلت أذكر قبل سنوات وفي مقهى أوربي حديث شاباً شيرازياً اسمه حميد عندما طلب مني تصفح الصحيفة السعودية التي كنت أقرأ فيها وكان والحق يُقال لطيفاً وودوداً فهو يعمل مندوباً لإحدى الشركات وأعجب كثيراً بصحيفتنا السعودية، بل راح يحدثني عن انطباع والده أيام زيارة الملك فيصل لإيران وكيف استقبل استقبال الفاتحين، بل راح يقول إن أبناء المملكة ودول الخليج كانوا يعتبرون إيران أيامها مصيفهم المفضّل وكانت التجارة بين إيران والمملكة في قمة ازدهارها، وأضاف وهو يتحسّر لقد خسرت إيران مئات المليارات من خلال سوء تصرف نظام الملالي وتدخلها في شؤون جيرانها ومحاولة زعزعة أمنها واستقرارها. لذلك هرب مع أسرته إلى هذا البلد بعدما عانى من التفرقة في الحصول على عمل رغم أنه كان يحمل مؤهلاً جامعياً لكن كونه لا ينتمي لأحد أحزاب النظاملم يحصل على العمل المنشود. وها هو بعيد عن وطنه. لكنه ورغم مرارة الغربة فهو يعيش في أمن وطمأنينة بعيداً عن الخوف من زوار الفجر وعانبر السجون البائسة، بل راح يقول مع كل رئيس جديد في نظام الملالي لم يحاول أحدهم معالجة الأوضاع المتردية بما يوقف استمرار تداعيها وإنما ركضوا نحو تعزيز الطائفية وحرمان الأقليات من حقوقهم وعدم مساواتهم مع الطائفة التي ينتمي إليها النظام. تذكرت ذلك وأنا أتابع مثل غيري كيف يصر النظام الإيراني في تدخله السافر في اليمن من خلال دعم (الحوثيين) ومحاولة تعزيز الحرب في اليمن لإشغال شعبه بها ولتغطية سياسة النظام الخطأ في إدارة الحكم في «إيران» التي باتت مختطفة منذ عقود لتكون ضحية ملالي همهم السيطرة على مقدرات الشعوب الإيرانية التي عانت وما زالت تعاني من ظلمهم حتى اليوم..