ياسر صالح البهيجان
معظم الجهات الحكوميّة لديها حاليًا موقع إلكتروني على شبكة الإنترنت، يستعرض خدماتها، اتفاقيّاتها، مبادراتها، مع وجود تفاوت ملحوظ في جودة المحتوى من جهة إلى أخرى، ومدى الالتزام بالتحديث المستمر وتغذية الموقع بالبيانات والمعلومات المهمة للمستفيدين.
ومن باب الإنصاف ثمة خدمات مميزة تطرحها الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية بطرق آليّة تسهل إمكانية الاستفادة من خدماتها دون الحاجة إلى الاتجاه نحو المقرات الرئيسة أو الفرعية، وهو تقدّم أحدث فرقًا واضحًا مقارنة بما كان عليه الحال في الأعوام الماضية، ولكن ما الشيء الأساسي الذي قلّ ما نجده في تلك المواقع الإلكترونية؟
أعتقد بأن مواقع الجهات الحكوميّة لا تزال دون المستوى المأمول فيما يتصل بقدرة المستفيدين على التفاعل مع مسؤولي خدمة العملاء، ليس ثمة نوافذ لإجراء محادثات فورية وسريعة للإجابة عن الاستفسارات أو استقبال الشكاوى والتجاوب معها في الحال، ما قد يسهم في إيجاد فجوة بين المستفيد ومزوّد الخدمة.
نحن بأمس الحاجة لفهم طبيعة تغيّرات المعطيات التكنولوجيّة ودور مواقع الإنترنت حاليًا وما طرأ عليها من تحولات خلال السنوات القليلة الماضية، وانتقالها من مستوى تقديم الخدمة إلى البحث عن رضا المستفيدين ومضاعفة درجات الثقة بين الطرفين.
مؤشر رضا العملاء عن الخدمات يعد مقياسًا عالميًا ويعتد به كأحد المؤشرات الرئيسة في معظم دول العالم المتقدم، ولعل هذا الاهتمام هو ما جعل الحكومات تغيّر من طبيعة نشاط مواقع الجهات التابعة لها لتبدو أكثر تفاعلاً مع الجمهور، وهو ما يحتم عليها وضع آليّات محددة ومعايير ثابتة تُجبر المنظمات الحكومية على الالتزام بها عند بناء موقعها الإلكتروني للارتقاء بمستوى المواقع كافّة، والحد من التفاوت بينها.
تطبيق مفاهيم الحكومة الإلكترونية لا يقتصر على التحول من الورق إلى الحاسوب والإنترنت، وإنما يؤسس لمبادئ قائمة على التفاعل مع المستفيدين، وإشراكهم في عملية التطوير والبناء والتحديث بوصفهم الهدف النهائي المُراد تحقيق رضاه عبر الارتقاء بجودة الخدمات، لذا تحتاج معظم الجهات الحكوميّة إلى إعادة النظر في آليّات تحولها الرقمي، وإيجاد مساحات أكبر لمشاركة الجمهور والتعاطي مع آرائهم واستفساراتهم دون إجبارهم على الاتجاه نحو الاتصال الهاتفي للبحث عن إجابة.
العمل الذي ينتظر الجهات الحكوميّة كافّة هو مسابقة الزمن للوصول إلى آخر نقطة وصل إليها الآخرون، ومراعاة حجم التطورات المتسارعة في المجالات الرقمية لمواكبة أي تحوّل من أجل أن نستمر في الريادة. لدينا تطلعات بأن نتجاوز المجتمعات الأخرى وأن نصبح نموذجًا دوليًا يُحتذى به، وأجزم بأن تلك التطلعات ممكنة إن تكاملت جهودنا وتحلينا بالعزيمة والإصرار والطموح.