نواف ال الشيخ
يقع حي «الدحو» في وسط مدينة الرياض، ضمن منطقة قصر الحكم في المنطقة الواقعة شمال طريق المدينة المنورة، وجنوب شارع الثميري، وشرق شارع الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وغرب شارع الملك فيصل. وتكمن أهمية هذا الحي في أنه يعتبر آخر ما تبقى من الأحياء القديمة والتراثية ضمن أسوار مدينة الرياض القديمة، حيث يعكس البناء التقليدي، والتصاميم التراثية السائدة في المدينة آنذاك، كما يتميز هذا الحي بموقعه الإستراتيجي ضمن المنطقة التي كانت تمثل مركز الأنشطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المدينة.
ويعتبر حي «الدحو» الجزء الوحيد المتبقي ضمن سور الرياض القديم، والذي يصل عمره إلى 200 سنة، حيث يعد أحد أهم أحياء مدينة الرياض القديمة لما لهُ من أهمية تاريخية وعمرانية، وما يتميز به من بيوت وجوامع طينية ذات الطابع المعماري الشعبي المميز للعمارة المحلية بالمنطقة والذي لا تزال معالمه باقية إلى الآن محافظة على شكلها العام وبنائها البسيط، كما أن التصاميم المعمارية فيه تعكس الحياة الاجتماعية وتقاليد ذلك الزمن، حيث أسهمت الحياة الاجتماعية والاقتصادية في تلك الفترة في تشكيل التصميم المعماري والهندسي لها.
ولأهمية هذا الحي التراثي التاريخي بالنسبة لمدينة الرياض بشكل خاص، ورغبة في تطويره والمحافظة على شكله المعماري وحمايته من الهدم والإهمال، والاستفادة من موقعه الإستراتيجي بشكل عام، قامت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض في تنفيذ مشروع تطوير «حي الدحو» بهدف تحويله إلى مركز جذب للأنشطة التجارية والسياحية والتراثية وليصبح معلماً تاريخياً للمدينة.
ويعتبر هذا المشروع امتداداً لبرنامج تطوير منطقة قصر الحكم في مدينة الرياض، أحد لبِنات البناء التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه- حينما كان أميراً لمنطقة الرياض ورئيساً للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، حيث أطلق -حفظه الله ورعاه- مشروعاً شاملاً على عدة مراحل بهدف تطوير المنطقة، حيث شملت المرحلة الأولى إعادة تأهيل قصر المصمك التاريخي وتحويله إلى متحف، وإنشاء مقرات لكلٍ من إمارة منطقة الرياض، وشرطة منطقة الرياض، وأمانة منطقة الرياض، وتطوير المناطق المحيطة والطرق والبنى التحتية، وشملت أيضاً المرحلة الثانية إعادة بناء جامع الإمام تركي بن عبدالله، وقصر الحكم، والساحات المحيطة، وفي المرحلة الثالثة تمت إعادة بناء وترميم بوابات الرياض التاريخية وهي: بوابة دخنة وبوابة الثميري وبرج الديرة وأجزاء من سور الرياض القديم، وامتد هذا المشروع الرائد، ليشمل إنشاء مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، وتطوير مقرات المحاكم العامة والجزائية، وحالياً يتم العمل على تطوير حي الدحو التاريخي.
وبالعودة إلى مشروع تطوير حي الدحو، حيث يهدف هذا المشروع إلى رفع المستوى العمراني لهذا الحي وتطويره، من خلال تأهيل المباني التراثية وترميمها، وتهيئتها لإعادة استخدامها، وإنشاء أيضاً مبان أخرى جديدة بطريقة البناء التقليدي، تتضمن جامعاً ومتحفاً ومراكز تجارية ومطاعم ومقاهي للزوار، ونزلاً شعبية وفنادق، ومركزاً للحرف اليدوية، ومبنى لمواقف السيارات، وساحات مفتوحة وممرات للمشاة، لتصبح منطقة سياحية جاذبة.
وسيسهم مشروع التطوير بإذن الله في فوائد وإيجابيات عديدة من أهمها، خلق فرص العمل في المنطقة، والقضاء على المباني العشوائية والآيلة للسقوط، وتوفير بنى تحتية مؤهلة وحديثة، وإيقاف الزحف العمراني الممتد لشمال المدينة.
كما سيعمل على تعزيز النشاط التجاري والسياحي في المنطقة، والحد من استخدام المباني الشعبية بطرق غير نظامية وجعلها أوكار للجريمة والدعارة، والحد من تحول المنطقة إلى مأوى للمتخلفين ومخالفي أنظمة الإقامة وتصدير الجرائم إلى الأحياء الأخرى.
إضافة إلى أن المشروع سيوفر مكان سياحي تاريخي في المدينة يقصده الزوار، كالذي نراه الآن في حي البجيري، وسوق الزل وشارع الثميري.
وسيسهم أيضاً هذا المشروع في عودة السكان السعوديين لهذا الحي بعد أن انتقلوا إلى أحياء متطورة وحديثة بحثاً عن بيئة آمنة ومؤهلة للسكن.
كما سيعزز المشروع من الناحية الثقافية القيم والهوية الحضارية في نفوس أبنائنا، والحضارة التاريخية التي مرت بها هذه البلاد.
أخيراً يعتبر المقياس الحضاري لأي أمة في وقتنا الحاضر ليس بالتقدم الصناعي والعلمي فقط، ولكن بمدى اهتمامها بحضارتها وتراثها.