عبده الأسمري
بين الاتصاف والإنصاف والاحتراف سار حاملاً حقيبة «التعليم» وملفات الشورى وأجندات حقوق الإنسان، أفاد إنسانياً وأجاد معرفياً.. مضى بين الدروب حاملاً شفاعة ذاتية وطموحاً مهيباً وأمضى محملاً ببشائر نثرها للظانين والمؤكدين والمتيقنين فكانت «شواهد كتبها للتاريخ» «وشهادات سجلها للوطن».
إنه رجل التعليم المكي وعضو الشورى السابق والمشرف على جمعية حقوق الإنسان في مكة المكرمة سليمان الزايدي من بين أبرز المسؤولين في مكة وأشهر القيادات الإدارية فيها.
بوجه حنطي مسجوع بالوقار تحفه ملامح الاعتبار وتؤطره مطامح الاستقرار وكاريزما أليفة تنضخ بالاتزان والتمكن وعينان واسعتان تسكنها «الهيبة والطيبة» وتقاسيم طائفية حجازية تتشابه مع والده وتتقاطع من أخواله وصوت مشفوع باللغة الفصحى مسجوع بمفردات جزلة وعبارات جزيلة طل الزايدي ولا يزال علماً من أعلام الفكر والحقوق والتربية والأدب في محافل العطاء الإنساني والوفاء الوطني.
يرتهن الزايدي المشمول بمحاسن الذكر إلى «تواضع جم» و»بساطة أعم» ويرتكن إلى «أداء خفي» في سرية سرّية كان فيها الجندي المجهول الذي ملأ الميدان نصراً للتنمية وظل فيها «بطل مواقف» يصنع الإنتاج ذاتياً بخفية ثم ينسبه لفريق عمله.
في فرعة الزود ببني سعد في مدينة «الطائف» ولد ونشأ الزايدي في أسرة صالحة فالحة وخضع لتوجيهات أبوة حانية وموجهات أمومة متفانية فكان طفلاً يستمع لقصص بطولات الصحراء وملاحم البادية فتشرب من حياض بني سعد سخاء رجالها ووفاء أبنائها ونقاء عائلاتها فكان يراقب الحجاج العابرين لقريته منصتاً لروحانية المعتمرين وسكينة المطمئنين. تعطرت روحه بالورد الطائفي وتعتقت أنفاسه بماء زمزم الذي كان يتناقله جيران المكان كإهداء عمرة وإسداء معروف فتشكلت شخصيته المسطرة بالوهج الأسري والتوهج العائلي فكون معادلة من الاعتزاز نتيجتها رقماً صحيحاً واحداً وهو «الإنجاز» وشكل متراجحة من الهمة لا يقبل ناتجها القسمة سوى على الأمانة والصدق.
تعلم من مضارب قريته الصغيرة إغاثة الملهوف وإعانة العابر وضيافة البسطاء وبساطة الطيبين فتكونت في قلبه همم «الكبار» باكراً فسكنته «الشهامة» من عمق أرض تعد «الطيب» عنواناً والعون «فرضًا» وأسبغته المواقف «إنسانية عميقة» في أفق قوم يعتبرون الضيافة أسلوب حياة دائم والخير سلوك بشري مستديم.
كان الزايدي محاطاً بهالة «المؤثرين» من أبناء قومه محتاطاً بسمات «ابن القرية» الشغوف بالأصالة فدرس وتعلم في وقت كان «العلم» ميزان اعتبار ومحك اقتدار للباحثين عن «العلياء» فملأ جدران منزل والده بشهادات التفوق وامتلأ قلبه مبكراً بإشادات الرفقاء والأعزاء فظل يرى نفسه في مسيرته «ظلاً» لمن وقف بجانبه من الوالدين ثم الزوجة والأبناء والزملاء.
نال الزايدي البكالوريوس في اللّغة وآدابها من جامعة الملك عبدالعزيز. ثم حصد «الماجستير» في الإدارة من جامعة أوكلاهوما بأمريكا.. عاد لأرض الوطن تسبقه دعوات «المحتفين» وومضات «المباركين» فتسلم مفاتيح الإدارة باكراً حيث ترأس الهيئة الفنيّة بتعليم الطّائف 1397ثم عين مديراً لتّعليم ينبع عام 1403 ثم عين مديراً عاماً للتربية والتّعليم بالعاصمة المقدسة عام 1411 فمديراً عاماً للتعليم في منطقة مكّة المكرّمة من 1423 - 1434 ثم نادته الثقة والمسؤولية في اتجاه آخر حينما اختير عضواً بمجلس الشورى لثلاث دورات من «1423-1434». والزايدي عضواً مؤسساً وفاعلاً ومشاركاً وأساسياً في معظم مؤسسات المجتمع المدني المكي إضافة إلى عضويات حكومية مختلفة، ثم مشاركته في عشرات اللجان والوفود والمؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية في مختلف أصعدة العلم والمعرفة والشورى رئيساً وممثلاً وعضواً ومشاركاً.
وله من المؤلفات (الحرمان الشّريفان) كتاب مشترك «مطبوع». وحلقة بحث مشترك حول بناء المناهج المدرسيّة ومشاركات منبريّة ومحاضرات ومؤتمرات وورش عمل في الجامعات والمدارس والأندية الأدبيّة والرّياضيّة والجمعيّات في الدّاخل والخارج. إضافة لمساهمات عميقة ومتميزة في كتابة المقالات والزوايا الصحفية. نال الزايدي وسامين من رئيسي جمهوريّتي الجابون وجيبوتي بدرجة فارس وقلادة جمعيّة الكشّافة السّعوديّة. وعدد كبير من الشّهادات والدّروع بالدّاخل والخارج وكرمه الاتحاد الدولي لألعاب القوى في 2017.
أكثر من أربعة عقود لا يزال الزايدي يكمل ترصيعها بجواهر التخطيط ولآلِئُ الفكر متكئاً على رصيد مديد سديد من الخبرة والمعرفة حيث أجزى للمهمات وقته وجهده وأزجى خبرته إلى دروب الإنجازات..
في مكة يقف الزايدي «كشاهد عيان» سطر القرار توقيعاً وعطر المنصات «وقعاً» وحضر في «الواقع» وجهاً للإتقان وواجهة للتميز الشخصي والوظيفي وجهة بشرية مكتظة بالاحترافية علماً وعملاً.