د. خيرية السقاف
ونحن ندري أن الإعلام, ووسائل التواصل, من المؤثّرات الفاعلة في إيصال الأفكار بين الناس, وقبل هذه الوسائل كانت الكلمة المكتوبة في الصحف, والمسموعة في الإذاعات, والمبتدئة أيام الناشئة في «طوابير» الصباح, والمبثوثة في جلسات الوالدين الحوارية في البيوت, هي الوسيلة لنقل الأفكار, في النشيد, والأغنية, والشعار..
وكان من أهم ركائز القيم فيما تحمله الأفكار من الأفكار هو غرس قيمة الوطن في نفوس المنتمين, وتوطيد الهوية في وجدان المتنفسين هواء صبح سمائه, ومساء سكن ليله..
فكرة الوطن, محبته, الاعتداد به, تقديمه في القيمة والمكانة فوق كل اعتبار, تعزيزه في النفس عند كل محك, فكرة ليست تطرأ عند الحاجة, أو توجب عند الموقف, أو تُفرض للضرورة أبداً أبدا..
إنما الوطن هو حنطة الأمل, وعجين العمل, فلا سعادة للإنسان دون أن يكون مأواه, ولا دافع لعمار دون أن يكون فوق أرضه, ولا وسادة أحلام ليست في صومعته, ولا شربة هنيئة ليست من جوفه, ولا لقمة هنيئة ليست من وعاء عطائه وخيره..
الوطن قيمة عظيمة إن لم يكن الأول والأخير في الأمل, والعمل, وفي الحس والفكر, وفي التفكر والتأمل, في العروق دماؤها, وفي النفس خاطرها, وفي العقل نزعاته, وفي القلب نياطه, وفي الروح هسيسها, فإن تبلدا مصابةٌ به تلك الذات, .. وغوايةٌ تستدرج فيها الصراط!!..
إنه ليس محض غاية في الكلام أن يتصدر وسائل التواصل في أوسع شبكاتها, ومنصاتها «تويتر» وسمٌ مساء البارحة هو: « #السعودية_أولا»..
بل ضرورة موقف, يأتي في وقته, في خضم وجهين للواقع الراهن, الوجه الأول هو المشرق وهو هذا الحراك النشط, الطموح السيادي, والشعبي لتحقيق رؤية تطلعية استشرافية, وواقعية لجعل «السعودية» عملياً, وتنفيذياً, وواقعاً في مصاف الأمم الكبرى, إذ المتطلَّع إليه من حراكها الفعّال أن تأخذ الرقم الثاني عشر من هذه الدول عند بلوغ المشاريع التطويرية فيها النقطة الأخيرة في أبجدية «رؤيتها»..
والوجه الثاني للواقع الراهن هو الذي تعتوره ندف غائمة من أولئك الذين يدسون السم في العسل, والذين لا يرتضون لهذه البلاد أن تتقدّم, وأولئك الحاقدين الذين يتهكمون بصواريخهم, ودسائسهم, وزمر المنافقين, والجاهلين, وكثير من المتطرفين, والطامعين, والذين هم عزَّل من الوعي, ومن الفارغين من الحكمة..
في الوقت الذي تعمل السعودية على قدم, وساق لنهضة شاملة تجدد, وتبني, وتؤسس, وتطور, وتغير, لتثمر فإنها حتماً الأولى في فكر أبنائها, وفي حسهم, تعزيزاً لانتمائهم, فهي محور عطائهم, ومنبع صدقهم, وموئل إخلاصهم, وهدف جمعهم, ودافع إنجازهم, ومصدر قوتهم, وصدر ثقتهم, وعزم قوتهم, وخيمة شملهم, ووتد فخرهم..
ليس قبلها ما هو حلم, وليس بعدها ما هو أمل..
فلتكن الأولى في اللسان, والبنان, في الفكرة والسانحة, في الخطة والتنفيذ, في الصدق, والأمانة, في الفداء, والعطاء, في الحميَّة, والأثرة ..
في البيت الصغير, والمحفل الكبير, في الداخل, والخارج, في المأكل, والمشرب, والملبس,
في الطمأنينة, والقلق,
في ساحة الحرب, وفي المجلس الرَّحب..
من شفة النطق, لدقة الخفق..
«السعودية أولاً»..
ليس فقط في منصة تواصل, بل في كل المنصات, والساحات, والمساحات..
في كل الوسائل, حتى في جلسة الشاي, والجمع الغفير..
«السعودية أولاً» حفظها الله..