د. أحمد الفراج
عندما يُنتخب الرئيس الأمريكي، يكون مهما له ولإدارته، أن تكون أغلبية أعضاء الكونجرس من حزبه، فإذا كانت أغلبية كلا المجلسين، الشيوخ والنواب، من حزب الرئيس، يساهم ذلك غالبا في تسهيل تمرير قراراته وبرامجه، أما إذا كانت أغلبية أحد المجلسين فقط من ذات حزب الرئيس، فإن ذلك يساهم، وإن بدرجة أقل، في مساعدته، وتكون الطامة، عندما تكون الأغلبية، في كلا مجلسي الكونجرس، من الحزب المنافس، كما حدث للرئيس، باراك أوباما، في فترته الرئاسية الثانية، إذ عانى معاناة شديدة، مثله مثل من سبقه من الرؤساء في ذات الوضع، فغالبا تصبح المناكفات الحزبية هي سيدة الموقف، ويتعطل تمرير الكثير من القرارات والمشاريع، ففي النظام المؤسساتي الأمريكي، تتوزع السلطات بين الرئيس، والكونجرس بشقيه، والمحكمة العليا!.
كان الرئيس ترمب محظوظا للغاية، عندما انتخب رئيسا، لأن الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب كانت، ولا تزال، جمهورية، ولك أن تتخيل وضع ترمب، في ظل التحديات والصراعات والمشاكل التي يمر بها، والحرب الشعواء، الموجهة ضده من الإعلام، لو كانت أغلبية الكونجرس ديمقراطية، ففي الوضع الحالي، أغلبية مجلس الشيوخ جمهورية، وزعيم الأغلبية الجمهورية في المجلس، هو متش موككالن، وهو محافظ جدا مثل ترمب، ويعتبر داعم له، وقد ساعد هذا كثيرا في تثبيت مرشحي ترمب للمناصب الهامة، خصوصا وزير العدل، جيف سيشون، وكذا الأمر في مجلس النواب، الذي يرأسه حاليا، الجمهوري، بول راين، وهو ثعلب سياسي، يقف بشكل إيجابي مع ترمب، لأسباب حزبية خالصة . هذا، ولكن راين، وفي ضربة موجعة لترمب، أعلن تقاعده المبكر قبل أيام، ربما لأنه سئم من المناكفات والإحراجات، التي تسببت بها إدارة ترمب للجمهوريين في الكونجرس.
هذا الوضع المريح نسبيا لترمب قد لا يستمر، ففي نوفمبر القادم 2018، ستكون هناك انتخابات نصفية، لانتخاب كل أعضاء مجلس النواب، فأعضاء مجلس النواب يتم انتخابهم جميعا كل سنتين، وكذلك سيكون هناك انتخابات لثلث أعضاء مجلس الشيوخ، أي 33 عضوا، فأعضاء هذا المجلس، وعددهم 100، يتم انتخابهم لمدة ست سنوات، وليس واضحا ما سيجري في نوفمبر، ففي أمريكا، بإمكان حدث واحد، قبل يوم الانتخابات، أن يقلب المعادلة كليا لصالح أحد الحزبين الرئيسيين، الجمهوري والديمقراطي، فإن استمرت سيطرة الجمهوريين على الكونجرس، فسيخفف هذا كثيرا على ترمب، أما ان استطاع الديمقراطيون أن ينتزعوا الأغلبية في كلا مجلسي الكونجرس، فسيكون ترمب في وضع صعب، لأن هذا يعني أنه سيواجه حربا شرسة، خلال السنتين المتبقيتين من رئاسته، والديمقراطيون لا يخفون نواياهم، ويعملون بقوة، على أن يحصدوا الأغلبية، أما ترمب، فإنه يؤكد أن أنصاره المخلصين، الذين أوصلوه للبيت الأبيض، سيتمكنون من إعادة انتخاب الجمهوريين، في نوفمبر المقبل، لتستمر السيطرة الجمهورية، حتى نهاية فترة رئاسته، وسنتابع كل ذلك، فمعركة نوفمبر بدأت الآن!.