سعد بن عبدالقادر القويعي
الانحسار الكبير للتطرف لا تكاد تخطئه العين، ويمكن إدراك هذه الحقيقة من خلال رصد تقرير المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف «اعتدال» عن الانحسار الكبير في نشر المحتوى المتطرف عبر وسيلة التواصل الاجتماعي «تويتر» - خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة -, وذلك من خلال مراقبة، ورصد الحسابات التابعة لتلك التنظيمات، والعناصر الإرهابية في المشاركة، ونشر المحتوى على «تويتر»، حيث تمثلت في عدة تغييرات أساسية؛ هي: «تناقص مقاطع العمليات الإرهابية في مناطق الصراع، والتركيز على نشر بيانات قديمة، واستخدام الأسماء المستعارة غير الدينية، ووضع صور نمطية للحسابات الشخصية، مع غياب ملحوظ لأيِّ محتوى يشرح أوضاعهم الحالية».
في الحديث عن التطرف، فإن أهم التغيرات التي طالت أسلوب الغلو في التعامل مع النصوص الشرعية، -وبالتالي- التزمت، والتعصب، والتطرف في فهم تلك النصوص؛ حتى وصل الحال إلى القيام بالأعمال الإفسادية من تقتيل، وتفجير، وترويع؛ نصرة لتلك الآراء المتطرفة، والذي كان نتيجة نوع من الوعي المزيف، وحالة هروب من تناقضات الواقع في ذهن المتطرف؛ وكان نتاج ذلك - أيضا - أن انتقل من مرحلة تنظير صناعة الإرهاب إلى العمل المتقن, والتنفيذ الدقيق, وتحمل المسئوليات تجاه أعمال على أرض الواقع، وتطبيقات خاطئة لمفهوم, واجتهادات مغلوطة، لا تنتج سوى مزيد من الدماء, والأشلاء.
كان التطرف قدرنا، وأن تكون هذه البلاد المباركة رأس الحربة في مواجهته، وأن تخوض معه المعركة تلو الأخرى، بعد أن ابتلينا في هذا العصر بناره. ومع حصر نشاط التطرف في أماكن عدة بالتزامن مع تغيرات - دولية وإقليمية - فرضت معادلات جديدة في السياسة الدولية، كانت في معظمها لصالحنا، وهو ما عكس تقدما حقيقيا في مواجهته. وهذا يعني وجود آليات، وبرامج محددة؛ لتحقيق هذه الأهداف، وتؤكد -في الوقت ذاته- على سياسة بلادنا، ونهجها المتوازن، والمعتدل.
لا أجادل فى ضرورة المواجهة الأمنية، والعسكرية للتنظيمات الإرهابية، إلا أن كلمة القول الفصل في موضوع التطرف، يحتاج -كذلك- إلى بيان صورة الإسلام الناصعة، ورسالته الخالدة في إصلاح الكون، وعمارته لا إفساده، وتخريبه، والعمل على تحجيم الفعل بمكافحة الأثر، - إضافة - إلى علاج المسببات بما يكفل القضاء على التطرف، ويصون حياة الأبرياء، ويحفظ للدولة أمنها، واستقرارها، وهيبتها، - وفي المقابل - المساهمة في استقرار الأمن العالمي، - سواء - على الصعيد الداخلي، أو الإقليمي، والدولي.